تفسير سورة «الانشقاق»
وهي مكّيّة بلا خلاف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ)(٥)
قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) الآية ، هذه أوصاف يوم القيامة و (أَذِنَتْ) معناه : استمعت وسمعت أمر ربّها ؛ ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما أذن الله لشيء أذنه لنبيّ يتغنّى بالقرآن» ، و (حُقَّتْ) (١) قال ابن عبّاس : معناه : وحقّ لها أن تسمع وتطيع (٢) ، ويحتمل أن يريد : وحقّ لها أن تنشق لشدة الهول وخوف الله تعالى ، ومدّ الأرض هي إزالة جبالها حتى لا يبقى فيها عوج ولا أمت ، وفي الحديث : «تمدّ مدّ الأديم» ، و (أَلْقَتْ ما فِيها) يعني : من / الموتى ؛ قاله الجمهور. وخرّج الختلي أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم في كتاب «الدّيباج» له بسنده عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله ـ عزوجل ـ : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ* وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) قال : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنا أوّل من تنشقّ عنه الأرض فأجلس جالسا في قبري ، فيقتح لي باب إلى السّماء بحيال رأسي حتّى أنظر إلى العرش ، ثمّ يفتح لي باب من تحتي ؛ حتّى أنظر إلى الأرض السّابعة ؛ حتّى أنظر إلى الثّرى ، ثمّ يفتح لي باب عن يميني حتّى أنظر إلى الجنّة ومنازل أصحابي ، وإنّ الأرض تحرّكت تحتي فقلت : ما لك أيّتها الأرض؟ قالت : إنّ ربّي أمرني أن ألقي ما في جوفي ، وأن أتخلّى ؛ فأكون كما كنت ؛ إذ لا شيء فيّ ، فذلك قول الله ـ عزوجل ـ : (وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) ، (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) أي : سمعت وأطاعت ، وحقّ لها أن تسمع وتطيع» (٣) ، الحديث ، انتهى من «التذكرة» (٤) ، و (تَخَلَّتْ) معناه خلّت عمّا كان فيها لم تتمسّك منهم بشيء.
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٥٦)
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٤٧) ، وعزاه إلى أبي القاسم الختلي في «الديباج».
(٤) ينظر : «التذكرة» (١ / ٢٥١)