تفسير سورة «الشمس»
وهي مكّيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها)(٢)
أقسم الله تعالى بالشمس : إما على التنبيه منها على الاعتبار المؤدّي إلى معرفة الله تعالى ، وإما على تقدير وربّ الشمس ، والضّحى ـ بالضم والقصر ـ : ارتفاع ضوء الشمس وإشراقه ، قاله مجاهد (١) وقال مقاتل : (ضُحاها) حرّها كقوله في طه : (وَلا تَضْحى) [طه : ١١٩] ، والضّحاء ـ بفتح / الضاد والمدّ ـ : ما فوق ذلك إلى الزّوال ، والقمر يتلو الشمس من أول الشهر إلى نصفه في الغروب تغرب هي ثم يغرب هو ، ويتلوها في النصف الآخر بنحو آخر وهو أن تغرب هي فيطلع هو (٢) ، وقال الحسن : (تَلاها) معناه تبعها دأبا في كلّ وقت لأنّه يستضيء منها فهو يتلوها لذلك (٣) ، وقال الزجاج وغيره : تلاها في المنزلة من الضياء والقدر : لأنّه ليس في الكواكب شيء يتلو الشمس في هذا المعنى غير القمر.
(وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها)(٧)
وقوله : (وَالنَّهارِ) ظاهر هذه السورة والتي بعدها أن النهار من طلوع الشمس ، وكذلك قال الزجاج في كتاب «الأنواء» وغيره ، واليوم من طلوع الفجر ، ولا يختلف أنّ نهايتهما مغيب الشمس ، والضمير في (جَلَّاها) يحتمل أن يعود على الشمس ، ويحتمل أن
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٩٩) ، (٣٧٣٥٨) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٩١) ، وابن عطية (٥ / ٤٨٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥١٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٩٨) ، وعزاه للحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عبّاس بنحوه.
(٢) ذكره البغوي (٤ / ٤٩١) ، وابن عطية (٥ / ٤٨٧)
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٠٠) عن مجاهد برقم : (٣٧٣٦٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٨٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عبّاس.