تفسير سورة «المنافقون»
وهي مدنيّة بإجماع
ونزلت في غزوة بني المصطلق ، بسبب أنّ ابن أبيّ ابن سلول كانت له في تلك الغزوة أقوال منكرة ، وسيأتي بيان ذلك ؛ إن شاء الله.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (١) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ)(٣) (١)
قوله عزوجل : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ ...) الآية / فضح الله سرائر المنافقين بهذه الآية ، وذلك أنهم كانوا يقولون للنبي صلىاللهعليهوسلم : نشهد إنّك لرسول الله ؛ وهم في إخبارهم هذا كاذبون ؛ لأنّ حقيقة الكذب أن يخبر الإنسان بضدّ ما في قلبه ، وهذه كانت حالهم ؛ وقرأ الناس : «أيمانهم» جمع يمين ، وقرأ الحسن (٢) : «إيمانهم» ـ بكسر الهمزة ـ ، والجنّة : ما يتستّر به في الأجرام والمعاني.
وقوله : (ذلِكَ) إشارة إلى فعل الله بهم في فضحهم وتوبيخهم ، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى سوء ما عملوا ، فالمعنى ساء عملهم بأن كفروا بعد إيمان.
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٥) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)(٦)
__________________
(١) سقط في : د.
(٢) قال أبو الفتح : هذا على حذف المضاف ، أي : اتخذوا إظهار إيمانهم جنة.
ينظر : «المحتسب» (٢ / ٣٢٢) ، و «الكشاف» (٤ / ٥٣٩) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٣١١) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٢٦٧)