بما فيها ، وهل / في العلم غرور يزيد على هذا ، انتهى من كتاب ذمّ الغرور.
واختلف المتأولون في قصص هذه الخيل المعروضة على سليمان* ع* فقال الجمهور : إنّ سليمان* ع* عرضت عليه آلاف من الخيل تركها أبوه ، فأجريت بين يديه عشاء ، فتشاغل بجريها ومحبّتها ، حتّى فاته وقت صلاة العشيّ ، فأسف لذلك ؛ وقال : ردّوا عليّ الخيل ؛ فطفق يمسح سوقها وأعناقها بالسّيف ، قال الثّعلبيّ وغيره ، وجعل ينحرها تقرّبا إلى الله تعالى ؛ حيث اشتغل بها عن طاعته ، وكان ذلك مباحا لهم كما أبيح لنا بهيمة الأنعام ، قال* ع (١) * : فروي أنّ الله تعالى أبدله منها أسرع منها ، وهي الرّيح ، قال ابن العربيّ في «أحكامه» (٢) : و (الْخَيْرِ) هنا هي الخيل ؛ وكذلك قرأها ابن مسعود : «إنّي أحببت حبّ الخيل» (٣) انتهى ، و «الصّافن» : الذي يرفع إحدى يديه ؛ وقد يفعل ذلك برجله ؛ وهي علامة الفراهية ؛ وأنشد الزّجاج (٤) : [الكامل]
ألف الصفون فما يزال كأنّه |
|
ممّا يقوم على الثّلاث كسيرا (٥) |
قال بعض العلماء : (الْخَيْرِ) هنا أراد به الخيل ، والعرب تسمى الخيل ، الخير ، وفي مصحف ابن مسعود : «حبّ الخيل» باللام.
والضمير في (تَوارَتْ) للشمس ، وإن كان لم يتقدّم لها ذكر ، لأنّ المعنى يقتضيها ، وأيضا فذكر العشيّ يتضمّنها ، وقال بعض المفسرين (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) ، أي : الخيل دخلت إصطبلاتها ، وقال ابن عبّاس والزّهريّ : مسحه بالسّوق والأعناق لم يكن بالسّيف ؛ بل بيده تكريما لها ؛ ورجّحه الطبريّ (٦) ، وفي البخاري : (فَطَفِقَ مَسْحاً) يمسح أعراف الخيل وعراقيبها ؛ انتهى ، وعن بعض العلماء أنّ هذه القصة لم يكن فيها فوت صلاة ، وقالوا : عرض على سليمان الخيل وهو في الصلاة ، فأشار إليهم ؛ أي : إني في صلاة ،
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٥٠٣)
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٤ / ١٦٤٨)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٥٠٤)
(٤) ينظر : «معاني القرآن» (٤ / ٣٣٠)
(٥) البيت بلا نسبة في «الأزهية» ص : (٨٧) ، و «أمالي ابن الحاجب» (٢ / ٦٣٥) ، و «شرح شواهد المغني» (٢ / ٧٢٩) ، و «لسان العرب» (١٣ / ٢٤٨) (صفن) ، و «مغني اللبيب» (١ / ٣١٨) ، وينظر : «الكشاف» (٢ / ٢٨٤) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٣٨٨) ، و «الدر» (٥ / ٥٣٤)
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٥٧٩) برقم : (٢٩٨٩٢) عن ابن عبّاس ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٦١) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٥٠٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٣٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥٨٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عبّاس.