دخول الجنة هو برحمة الله وفضله ، لا بعمل عامل ؛ كما جاء في الصحيح (١).
(إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦) وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ)(٣٨)
وقوله تعالى : (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) قال أبو حيان (٢) : «إلّا قيلا سلاما سلاما» الظاهر أنّ الاستثناء منقطع ؛ لأنّه لا يندرج في اللغو والتأثيم ، وقيل متّصل ، وهو بعيد ، انتهى ، قال الزّجّاج (٣) : و (سَلاماً) مصدر ، كأنّه يذكر أنّه يقول بعضهم لبعض : سلاما سلاما.
* ت* : قال الثعلبيّ : والسّدر : شجر النبق و (مَخْضُودٍ) أي : مقطوع الشوك ، قال ـ عليهالسلام (٤) : ولأهل تحرير النظر هنا إشارة في أنّ هذا الخضد بإزاء أعمالهم التي سلموا منها ؛ إذ أهل اليمين توّابون لهم سلام ، وليسوا بسابقين ، قال الفخر : وقد بان لي بالدليل أنّ المراد بأصحاب اليمين : الناجون الذين أذنبوا وأسرفوا ، وعفا الله تعالى عنهم بسبب أدنى حسنة ؛ لا الذين غلبت حسناتهم وكثرت ، انتهى.
والطلح (من العضاه) شجر عظيم ، كثير الشوك ، وصفه في الجنة على صفة مباينة لحال الدنيا ، و (مَنْضُودٍ) معناه : مركّب ثمره بعضه على بعض من أرضه إلى أعلاه ، وقرأ علي ـ رضي الله عنه ـ وغيره : «وطلع» (٥) فقيل لعليّ : إنّما هو : «وطلح» فقال : ما للطلح والجنة؟! قيل له : أنصلحها في المصحف؟ فقال : إنّ المصحف اليوم لا يهاج ولا يغيّر.
__________________
(١) روي في هذا المعنى أناس من الصحابة ، فقد أخرج الإمام مسلم (٤ / ٢١٧٠ ، ٢١٧١) ، كتاب «صفات المنافقين» باب : لن يدخل أحد الجنة بعمله ، بل برحمة الله تعالى (٧١ ، ٧٦ / ٢٨١٦ ـ ٢٨١٧) ، و (٧٧ ـ ٧٨ / ٢٨١٨) عن أبي هريرة ، وعائشة ، وجابر رضي الله عنهم.
وأخرجه أحمد (٢ / ٢٥٦ ، ٣٣٦ ، ٣٤٣ ، ٣٤٤ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٩٠ ، ٤٦٩ ، ٤٧٣ ، ٥٠٩ ، ٥١٩ ، ٥٢٤) عن أبي هريرة (٣ / ٣٩٤) عن جابر ، (٣ / ٥٢) عن أبي سعيد.
(٢) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ٢٠٦)
(٣) ينظر : «معاني القرآن» (٥ / ١١٢)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٤٣)
(٥) ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٥١) ، و «الكشاف» (٤ / ٤٦١) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٤٤) ، وزاد نسبتها إلى جعفر بن محمّد.
وينظر : «البحر المحيط» (٨ / ٢٠٦) ، و «الدر المصون» (٦ / ٢٥٩) ، وزادا نسبتها إلى عبد الله بن مسعود.