بعض ، كحلق الدّرع ، ومنه وضين الناقة وهو حزامها ؛ قال ابن عبّاس (١) : (مَوْضُونَةٍ) : مرمولة بالذهب ، وقال عكرمة (٢) : مشبّكة بالدّر والياقوت (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) : للخدمة (وِلْدانٌ) : وهم صغار الخدمة ، ووصفهم سبحانه بالخلد ، وإن كان جميع ما في الجنة كذلك ، إشارة إلى أنّهم في حال الولدان مخلّدون ، لا تكبر لهم سنّ ، أي : لا يحولون من حالة إلى حالة ؛ وقاله ابن كيسان ، وقال الفرّاء : (مُخَلَّدُونَ) معناه : مقرطون بالخلدات وهي ضرب من الأقراط والأوّل أصوب ، / لأنّ العرب تقول للذي كبر ولم يشب : إنّه لمخلّد ، والأكواب : ما كان من أواني الشرب لا أذن له ولا خرطوم ، قال قتادة (٣) : ليست لها عرى ، والإبريق : ماله خرطوم ، والكأس : الآنية المعدّة للشرب بشريطة أن يكون فيها خمر ، ولا يقال لآنية فيها ماء أو لبن كأس.
وقوله : (مِنْ مَعِينٍ) قال ابن عبّاس (٤) : معناه من خمر سائلة جارية معينة.
وقوله : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) ذهب أكثر المفسرين إلى أنّ المعنى : لا يلحق رؤوسهم الصداع الذي يلحق من خمر الدنيا ، وقال قوم : معناه : لا يفرقون عنها بمعنى لا تقطع عنهم لذّتهم بسبب من الأسباب ، كما يفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق ، (وَلا يُنْزِفُونَ) معناه : لا تذهب عقولهم سكرا ؛ قاله مجاهد وغيره (٥) ، والنزيف : السكران ، وباقي الآية بيّن ، وخصّ المكنون باللؤلؤ ؛ لأنه أصفى لونا وأبعد عن الغير ، وسألت أمّ سلمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن هذا التّشبيه ، فقال : «صفاؤهنّ كصفاء الدّرّ في الأصداف الّذي لا تمسّه الأيدي» (٦) و (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أي : إنّ هذه الرتب والنعيم هي لهم بحسب أعمالهم ؛ لأنّه روي أنّ المنازل والقسم في الجنة هي مقتسمة على قدر الأعمال ، ونفس
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٦٢٨) برقم : (٣٣٢٨١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٤١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٨٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢١٩) ، وعزاه لسعيد بن منصور ، وهناد ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «البعث».
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٦٢٨) برقم : (٣٣٢٨٥) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٤١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٨٦)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٦٣٠) برقم : (٣٣٣٠٣) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٤٢)
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٦٣٠) برقم : (٣٣٣٠٥) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٤٢)
(٥) أخرجه الطبري (١١ / ٦٣٠) برقم : (٣٣٣١٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٤٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٨٦)
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٣٣) برقم : (٣٣٣٣٠) ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧ / ١٢٢) في حديث طويل.
قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه سليمان بن أبي حاتم وابن عدي.