قرّبننا من خير من وطئ الحصى (١) |
|
فلها علينا حرمة وذمام |
وحكي عن بعض المشايخ ؛ أنه حجّ ماشيا ، فقيل له في ذلك ، فقال : العبد الآبق يأتي إلى بيت مولاه راكبا؟ لو قدرت أن أمشي على رأسي ، ما مشيت على قدمي.
قال عياض : وجدير لمواطن عمرت بالوحي ، والتنزيل ؛ وتردّد فيها جبريل وميكائيل ، وعرجت منها الملائكة والرّوح ؛ وضجّت عرصاتها (٢) بالتقديس والتسبيح ، واشتملت تربتها على جسد سيّد البشر ؛ وانتشر عنها من دين الله وسنة رسوله ما انتشر ، مدارس وآيات ؛ ومساجد وصلوات ؛ ومشاهد الفضائل والخيرات ؛ ومعاهد البراهين والمعجزات ـ أن تعظّم عرصاتها ؛ وتتنسّم نفحاتها ؛ وتقبّل ربوعها وجدراتها : [الكامل]
يا دار خير المرسلين ومن به |
|
هدي الأنام (٣) وخصّ بالآيات (٤) |
عندي لأجلك لوعة (٥) وصبابة |
|
وتشوّق متوقّد الجمرات |
الأبيات. انتهى من «الشفا».
وقوله سبحانه : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ) ، أي : يرشدون أنفسهم ، وهذا الكلام يحتمل أن يريد به وصف المؤمنين منهم ، على عهد موسى ، وما والاه من الزمن ، فأخبر سبحانه ، أنه كان في بني إسرائيل على عتوّهم وخلافهم من اهتدى واتقى وعدل ، ويحتمل أن يريد الجماعة التي آمنت بنبيّنا محمد صلىاللهعليهوسلم من بني إسرائيل ، على جهة الاستجلاب لإيمان جميعهم ، وقوله : (أَسْباطاً) : بدل من (اثْنَتَيْ) ، والتمييز الذي بين العدد محذوف تقديره : اثنتي عشرة فرقة أو قطعة أسباطا.
وقوله سبحانه : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ)
__________________
ـ فلا يركبها بعد ذلك رجل ، ولا يوضع على ظهرها شيء ، بل تترك سارحة منعمة في مرعاها.
(١) روي البيت في «الشفا» «.... من وطىء الثرى». وخير من وطىء الثرى : النبي ، فهو خير الناس ، والحرمة : الحق الذي يلزم احترامه ، والذمام : ما يلزم احترامه ، أو جمع ذمة ، وهي العهد ، وما يجب الوفاء به.
(٢) العرصة : كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء.
ينظر : «لسان العرب» (٢٨٨٣)
(٣) الأنام : الخلق ، خصّ بالآيات : القرآن ، أو جميع المعجزات.
(٤) الشعر للقاضي عياض ، ينظر الأبيات في : «الشفا» (٦٢٣) ، و «نسيم الرياض» (٣ / ٤٨٨) ، وقال القاري : (٢ / ١٠٢) : قال الحلبي : الذي يظهر أن هنا الشعر من قول عياض رحمهالله.
(٥) اللوعة : شدة الحب وحرقته ، والصبابة : رقة الشوق.