سورة الأنفال
مدنيّة كلّها قال مجاهد : إلّا آية واحدة ، وهي قوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...) الآية : ولا خلاف أن هذه السورة نزلت في شأن بدر ، وأمر غنائمه.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(١)
قوله عزوجل : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ...) الآية ، النّفل والنّافلة ، في كلام العرب : الزّيادة على الواجب ، والأكثر في هذه الآية أنّ السؤال إنما هو عن حكم الأنفال ، وقالت فرقة : إنما سألوه الأنفال نفسها ؛ محتجّين بقراءة سعد بن أبي وقّاص وغيره : «يسئلونك الأنفال» (١) وعن أبي أمامة الباهليّ ، قال : سألت عبادة بن الصّامت عن الأنفال ، فقال : فينا ـ أهل بدر ـ نزلت ، حين اختلفنا ، وساءت أخلاقنا (٢) ، فنزعه الله من أيدينا ، وجعله إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم وقسمه عليهالسلام ـ بين المسلمين على بواء ـ يريد : على سواء ـ فكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله ، وصلاح ذات البين.
قال* ع (٣) * : ويجيء من مجموع الآثار المذكورة هنا ؛ أن نفوس أهل بدر تنافرت ، ووقع فيها ما يقع في نفوس البشر ؛ من إرادة الأثرة ، لا سيّما من أبلى ، فأنزل الله عزوجل الآية ، فرضي المسلمون ، وسلّموا ، فأصلح ذات بينهم ، وردّ عليهم غنائمهم.
__________________
(١) وقرأ بها ابن مسعود ، وعلي بن الحسين ، وأبو جعفر محمد بن علي ، وزيد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وطلحة بن مصرف.
ينظر : «الشواذ» ص : (٥٤) ، و «المحتسب» (١ / ٢٧٢) ، و «الكشاف» (٢ / ١٩٥) و «المحرر الوجيز» (٢ / ٤٩٦) ، وزاد نسبتها إلى عكرمة ، والضحاك ، وعطاء. وينظر : «البحر المحيط» (٤ / ٤٥٣) ، و «الدر المصون» (٣ / ٣٩٢)
(٢) ذكره ابن عطية (٢ / ٤٩٧)
(٣) ينظر «المحرر الوجيز» (٢ / ٤٩٧)