تفسير سورة الحجر
مكية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ)(٢)
قوله عزوجل : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) : قال مجاهد وقتادة : (الْكِتابِ) : في الآية : ما نزل من الكتب قبل القرآن (١) ، ويحتمل أن يراد ب (الْكِتابِ) القرآن : ثم تعطف الصفة عليه ، و «ربّما» : للتقليل ، وقد تجيء شاذّة (٢) للتكثير.
وقال قوم : إن هذه من ذلك ، وأنكر الزّجّاج أن تجيء «ربّ» للتكثير ، واختلف المتأوّلون في الوقت الذي يودّ فيه الكفّار أن يكونوا مسلمين ، فقالت فرقة : هو عند معاينة الموت ، حكى ذلك الضّحّاك (٣) ، وقالت فرقة : هو عند معاينة أهوال يوم القيامة ، وقال ابن عبّاس وغيره : هو عند دخولهم النّار ، ومعرفتهم ، بدخول المؤمنين الجنّة (٤) ، وروي فيه حديث من طريق أبي موسى.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٤٨٨) برقم : (٢١٠٠٤) ، وابن عطية (٣ / ٣٤٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٧١) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٢) رب : فيها قولان ، أحدهما : أنها حرف جرّ ، وزعم الكوفيون وأبو الحسن وابن الطّراوة أنها اسم ، ومعناها التقليل على المشهور. وقيل : تفيد التكثير. وقيل : تفيد التكثير في مواضع الافتخار ، وفيها لغات كثيرة أشهرها : «رب» بالضم والتشديد والتخفيف ، و «ربّ» بالفتح والتشديد والتخفيف ، و «رب» و «رب» بالضم ، والفتح مع السكون فيهما ، وتتصل تاء التأنيث بكل ذلك. وبالتاء قرأ طلحة بن مصرف ، وزيد بن علي «ربّتما» وإذا اتصلت بها التاء جاز فيها الإسكان ، والفتح ك «ثمّت» ، و «لات» فتكثر الألفاظ ، ولها أحكام كثيرة ، منها لزوم تصديرها ، ومنها تنكير مجرورها.
ينظر : «الدر المصون» (٤ / ٢٨٥)
(٣) أخرجه الطبري (٧ / ٤٩١) برقم : (٢١٠٢١)
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ٤٩١) برقم : (٢١٠٢٥) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣٥٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٤٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٢١٧٢) ، وعزاه لابن المبارك في «الزهد» ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في «البعث».