تفسير سورة إبراهيم
هذه السورة مكّيّة إلا آيتين ، وهما قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ...) [إبراهيم : ٢٨] إلى آخر الآيتين ، ذكره مكّيّ والنّقّاش.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)(٣)
قوله عزوجل : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) قال القاضي ابن الطّيب ، وأبو المعالي وغيرهما : إن الإنزال لم يتعلّق بالكلام القديم الذي هو صفة الذات ، لكن بالمعاني التي أفهمها الله تعالى جبريل عليهالسلام من الكلام.
وقوله : (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) : في هذه اللفظة تشريف للنبيّ صلىاللهعليهوسلم وعمّ الناس ؛ إذ هو مبعوث إلى جميع الخلق ، وقرأ نافع وابن عامر (١) : «الله الّذي له ما في السّموات وما في الأرض» برفع اسم الله ؛ على القطع والابتداء ، وقرأ الباقون بخفض الهاء ، (وَوَيْلٌ) : معناه : وشدّة وبلاء ، وباقي الآية بيّن.
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٥) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ
__________________
(١) ينظر : «الحجة» (٥ / ٢٥) ، و «إعراب القراءات السبع» (١ / ٣٣٤) ، و «حجة القراءات» (٣٧٦) ، و «الإتحاف» (٢ / ١٦٦) ، و «المحرر الوجيز» (٣ / ٣٢٢) ، و «البحر المحيط» (٥ / ٣٩٣) ، و «الدر المصون» (٤ / ٢٥٠) ، و «السبعة» (٣٦٢) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٦١) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٣٩٦) ، و «العنوان» (١١٥) ، و «شرح شعلة» (٤٤٩ ـ ٤٥٠)