تفسير سورة يوسف
هذه السورة مكّيّة ، والسبب في نزولها أنّ اليهود أمروا كفّار مكّة ؛ أن يسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن السبب الذي أحلّ بني إسرائيل بمصر ، فنزلت السورة.
وقيل : سبب نزولها تسلية النبيّ صلىاللهعليهوسلم عمّا / يفعله به قومه بما فعل إخوة يوسف بيوسف ، وسورة يوسف لم يتكرّر من معانيها في القرآن شيء ؛ كما تكرّرت قصص الأنبياء ، ففيها حجّة على من اعترض بأن الفصاحة تمكّنت بترداد القول ، وفي تلك القصص حجّة على من قال في هذه : لو كرّرت ، لفترت فصاحتها.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)(٣)
وقوله عزوجل : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ الْكِتابِ) ؛ هنا القرآن ، ووصفه ب (الْمُبِينِ) من جهة بيان أحكامه وحلاله وحرامه ومواعظه وهداه ونوره ، ومن جهة بيان اللسان العربيّ وجودته ، والضمير في (أَنْزَلْناهُ) : للكتاب ، و (قُرْآناً) حال ، و (عَرَبِيًّا) : صفة له ، وقيل : (قُرْآناً) : توطئة للحال ، و (عَرَبِيًّا) حال.
وقوله سبحانه : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ...) الآية : روى ابن مسعود ، أنّ أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ملّوا ملّة ، فقالوا : لو قصصت علينا ، يا رسول الله! فنزلت هذه الآية ، ثم ملّوا ملّة أخرى ، فقالوا : لو حدّثتنا ، يا رسول الله ، فنزلت : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً) (١) (...) الآية [الزمر : ٢٣] و (الْقَصَصِ) : الإخبار بما جرى من الأمور.
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٥) ، وعزاه لابن جرير عن عون بن عبد الله.