والادعاء ، واعترافهم.
وقولهم : (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) هو في المدّة التي ما بين ظهور العذاب إلى إتيانه على أنفسهم ، وفي ذلك مهلة بحسب نوع العذاب تتّسع لهذه المقالة ، وغيرها.
وروى ابن مسعود ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم» (١).
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنَّا غائِبِينَ)(٧)
وقوله سبحانه : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ...) الآية وعيد من الله عزوجل لجميع العالم أخبر سبحانه أنه يسأل الأمم أجمع عما بلغ إليهم عنه وعن جميع أعمالهم ، ويسأل النّبيين عما بلّغوا ، وهذا هو سؤال التقرير ، فإن الله سبحانه قد أحاط علما بكل ذلك قبل السؤال ، فأما الأنبياء والمؤمنون ، فيعقبهم جوابهم رحمة وكرامة ،
__________________
ـ بعد أن كان مزلزلا ، وأقرّ له بحقّه : أذعن واعترف ، إذا فالإقرار إثبات لما كان متزلزلا بين الإقرار والجحود.
ينظر : «الصحاح» (٢ / ٧٨٨) ، «لسان العرب» (٥ / ٣٥٨٢) ، «أنيس الفقهاء» ص : (٢٤٣).
واصطلاحا :
عرفه الشّافعية بأنه : إخبار بحقّ على المقر.
وعرفه المالكية بأنه : خبر يوجب حكم صدقه على قائله فقط بلفظه ، أو لفظ نائبه.
وعرفه الحنفية بأنه : إخبار بحق لآخر ، لا إثبات له عليه.
وعرفه الحنابلة بأنه : إظهار مكلّف مختار ما عليه بلفظ أو كتابة ، أو إشارة أخرس ، أو على موكله ، أو موليه ، أو مورثه بما يمكن صدقه.
ينظر : «حاشية الباجوري» (٢ / ٢) ، «الخرشي» (٦ / ٨٦ ـ ٨٧) ، «الدرر» (٢ / ٣٥٧) ، «منتهى الإرادات» (٢ / ٦٨٤).
ومحاسن الإقرار كثيرة منها ما يأتي.
(أ) إسقاط واجب النّاس عن ذمّته ، وقطع ألسنتهم عن مذمّته.
(ب) إيصال الحقّ إلى صاحبه ، وتبليغ المكسوب إلى كاسبه ، فكان فيه إنفاع صاحب الحقّ ، وإرضاء خالق الخلق.
(ج) إحماد النّاس المقرّ بصدق القول ، ووصفهم إيّاه بوفاء العهد ، وإنالة النول.
(د) حسن المعاملة بينه وبين غيره.
(١) أخرجه الطبري (٥ / ٤٢٩) برقم : (١٤٣٢٨) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٧٤) ، وابن كثير (٢ / ٢٠١) ط : «دار إحياء الكتب العربية» ، والسيوطي (٢ / ١٢٦)