ثلاثة ، وأيام التلوم ثلاثة ، فتأمّله.
وقوله سبحانه : (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) وفي الحديث : «أنّهما كانا يمشيان على مجالس أولئك القوم يستطعمانهم».
قال* ع* (١) : وهذه عبرة مصرّحة بهوان الدنيا على الله عزوجل.* ص* : وقوله : (فِراقُ بَيْنِي) الجمهور (٢) بإضافة «فراق» ، أبو البقاء ، تفريق وصلنا ، وقرأ ابن أبي عبلة «فراق» بالتنوين (٣) ، أبو البقاء و «بين» : منصوب على الظرف انتهى.
قال (٤) * ع* : و (وَراءَهُمْ) هو عندي على بابه ، وذلك أن هذه الألفاظ إنما تجيء مراعى بها الزمان ، وذلك أنّ الحادث المقدّم الوجود هو الأمام ، والذي يأتي بعد هو الوراء ، وتأمّل هذه الألفاظ في مواضعها حيث وردت تجدها تطّرد ، ومن قرأ (٥) : «أمامهم» ، أراد في المكان.
قال (٦) * ع* : وفي الحديث ، «أنّ هذا الغلام طبع يوم طبع كافرا» ، والضمير في «خشينا» للخضر ، قال الداوديّ : قوله : (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما) ، أي : علمنا انتهى. «والزكاة» شرف الخلق والوقار والسكينة المنطوية على خير ونيّة ، «والرّحم» الرحمة ، وروي عن ابن جريج ، أنهما بدّلا غلاما مسلما (٧) ، وروي عنه أنهما بدّلا جارية ، وحكى النّقّاش أنها ولدت هي وذرّيّتها سبعين نبيّا ، وذكره المهدويّ عن ابن عباس (٨) ، وهذا بعيد ، ولا تعرف كثرة الأنبياء إلا في بني إسرائيل ، وهذه المرأة لم تكن فيهم ، واختلف النّاس في هذا الكنز المذكور هنا ، فقال ابن عباس : كان علما في صحف مدفونة (٩) ، وقال عمر مولى غفرة : كان لوحا من ذهب قد كتب فيه : «عجبا للموقن بالرّزق كيف يتعب ، وعجبا للموقن بالحساب كيف يغفل ، وعجبا للموقن بالموت كيف يفرح» ، وروي نحو هذا مما هو في
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٣٣)
(٢) ينظر : «البحر المحيط» (٦ / ١٤٤) ، و «الدر المصون» (٤ / ٤٧٦)
(٣) ينظر : «الكشاف» (٢ / ٧٤٠) ، و «البحر المحيط» (٦ / ١٤٤) ، و «الدر المصون» (٤ / ٤٧٦)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٣٥)
(٥) وقرأ بها ابن عباس ، وابن جبير ، كما في «الجامع لأحكام القرآن» (١١ / ٢٤)
(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٣٦)
(٧) أخرجه الطبري (٨ / ٢٦٧) برقم : (٢٣٢٥٠) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٣٦) ، والبغوي (٣ / ١٧٧) ، وابن كثير (٣ / ٩٨)
(٨) ذكره ابن عطية (٣ / ٥٣٦)
(٩) أخرجه الطبري (٨ / ٢٦٨) برقم : (٢٣٢٥٦) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٣٧) ، وابن كثير (٣ / ٩٨)