معناه ، وقال الداوديّ : (كانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ذهب وفضّة» انتهى ، فإن صحّ هذا الحديث ، فلا نظر لأحد معه ، فالله أعلم أيّ ذلك كان.
وقوله سبحانه : (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) ظاهر اللفظ ، والسابق منه إلى الذهن أنه والدهما دنية (١) ، وقيل : هو الأب السابع ، وقيل : العاشر ، فحفظا فيه ، وفي الحديث : «إنّ الله تعالى يحفظ الرّجل الصّالح في ذريته» ، وقول الخضر : (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) ، يقتضي أنه نبيّ ، وقد اختلف فيه ، فقيل : هو نبيّ ، وقيل : عبد صالح ، وليس بنبيّ ؛ وكذلك اختلف في موته وحياته ، والله أعلم بجميع ذلك ، ومما يقضي بموت الخضر قوله صلىاللهعليهوسلم : «أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإنّ إلى رأس مائة منها لا يبقى ممّن هو اليوم على ظهر الأرض أحد» (٢).
قال القرطبيّ في «تذكرته» : وذكر عن عمرو بن دينار : الخضر وإلياس عليهماالسلام حيّان ، فإذا رفع القرآن ماتا / قال القرطبيّ : وهذا هو الصحيح انتهى ، وحكايات من رأى الخضر من الأولياء لا تحصى كثرة فلا نطيل بسردها ، وانظر «لطائف المنن» لابن عطاء الله.
وقوله : (ذلِكَ تَأْوِيلُ) : أي مآل ، وحكى السّهيليّ أنه لما حان للخضر وموسى أن يفترقا ، قال له الخضر : لو صبرت ، لأتيت على ألف عجب ، كلّها أعجب ممّا رأيت ، فبكى موسى ، وقال للخضر : أوصني يرحمك الله ، فقال : يا موسى ، اجعل همّك في معادك ، ولا تخض فيما لا يعنيك ، ولا تأمن من الخوف في أمنك ، ولا تيئس من الأمن في خوفك ، وتدّبر الأمور في علانيتك ، ولا تذر الإحسان في قدرتك ، فقال له موسى : زدني يرحمك الله ، فقال له الخضر : يا موسى ، إياك واللّجاجة ، ولا تمش في غير حاجة ، ولا تضحك من غير عجب ، ولا تعير أحدا ، وابك على خطيئتك يا بن عمران. انتهى.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً (٨٤) فَأَتْبَعَ سَبَباً (٨٥) حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (٨٦) قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا
__________________
(١) يقال : هو ابن عمي دنية ، إذا كان ابن عمه لحّا.
ينظر : «لسان العرب» (١٤٣٦)
(٢) تقدم تخريجه.