وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)(٨٢)
(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) قال : وهذه أشدّ من الأولى ـ (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ) ، قال : مائل ، فقال الخضر بيده هكذا ، فأقامه ، فقال موسى : قوم أتيناهم ، فلم يطعمونا ، ولم يضيّفونا (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً) قال سعيد بن جبير : أجرا نأكله (١) ـ «قال هذا فراق بيني وبينك» إلى قوله : (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : وددنا أنّ موسى كان صبر حتّى يقصّ علينا من خبرهما» (٢) قال سعيد : فكان ابن عباس يقرأ : «وكان أمامهم ملك يأخذ كلّ سفينة [صالحة] غصبا» ، وكان يقرأ : «وأمّا الغلام [فكان كافرا] وكان أبواه مؤمنين» ، وفي رواية للبخاريّ : يزعمون عن غير سعيد بن جبير ؛ أنّ اسم الملك : هدد بن بدد ، والغلام المقتول اسمه يزعمون حيسور ، ويقال : جيسور ملك (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) ، فأردتّ إذا هي مرّت به أن يدعها لعيبها (٣) ، فإذا جاوزوا أصلحوها ، فانتفعوا بها ، ومنهم من يقول : سدّوها بقارورة ، ومنهم من يقول بالقار ، كان أبواه مؤمنين ، وكان كافرا ، (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) أن يحملهما حبّه على أن يتابعاه على دينه ، (فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً) لقوله : «أقتلت نفسا زاكية» ، (وَأَقْرَبَ رُحْماً) هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر ، وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية ، وأما داود بن أبي عاصم ، فقال عن غير واحد : إنها جارية. انتهى لفظ البخاريّ.
* ت* : وقد تحرّينا / في هذا المختصر بحمد الله التحقيق فيما علّقناه جهد الاستطاعة ، والله المستعان ، وهو المسئول أن ينفع به بجوده وكرمه.
قال* ع* (٤) : ويشبه أن تكون هذه القصّة أيضا أصلا للآجال في الأحكام التي هي
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٣ / ٥٣٤) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٢٠) ، وعزاه لعبد بن حميد ، ومسلم ، وابن مردويه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٢٦٢ ، ٢٧٧) كتاب «التفسير» ، حديث (٤٧٢٥ ـ ٤٧٢٦ ـ ٤٧٢٧) من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٣٢)