وقوله سبحانه : (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) ، أي : ما أسمعه سبحانه ، وما أبصره ، قال قتادة : لا أحد أبصر من الله ، ولا أسمع (١).
قال* ع* (٢) وهذه عبارة عن الإدراك ، ويحتمل أن يكون المعنى : أبصر به أي : بوحيه وإرشاده ، هداك ، وحججك ، والحقّ من الأمور ، وأسمع به العالم ، فتكون اللفظتان / أمرين لا على وجه التعجّب.
وقوله سبحانه : (ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ) : الضمير في (لَهُمْ) يحتمل أن يرجع إلى أهل الكهف ، ويحتمل أن يرجع إلى معاصري النبيّ صلىاللهعليهوسلم من الكفّار ، ويكون في الآية تهديد لهم.
(وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)(٢٨)
وقوله سبحانه : (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ) ، أي : اتبع ، وقيل : اسرد بتلاوتك ما أوحي إليك من كتاب ربك ، لا نقض في قوله ، ولا مبدّل لكلماته ، وليس لك سواه جانب تميل إليه ، وتستند ، و «الملتحد» الجانب الذي يمال إليه ؛ ومنه اللّحد.
* ت* قال النوويّ : يستحبّ لتالي القرآن إذا كان منفردا أن يكون ختمه في الصّلاة ، ويستحبّ أن يكون ختمه أوّل الليل أو أول النهار ، وروّينا في مسند الإمام المجمع على حفظه وجلالته وإتقانه وبراعته أبي محمّد الدّارميّ رحمهالله تعالى ، عن سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال : إذا وافق ختم القرآن أوّل اللّيل ، صلّت عليه الملائكة حتّى يصبح ، وإن وافق ختمه أوّل النّهار صلّت عليه الملائكة حتّى يمسي (٣). قال الدارمي : هذا حديث حسن وعن طلحة بن مطرّف ، قال : من ختم القرآن أيّة ساعة كانت من النّهار ، صلّت عليه الملائكة حتّى يمسي ، وأيّة ساعة كانت من اللّيل ، صلّت عليه الملائكة حتّى يصبح ، وعن مجاهد نحوه انتهى.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٨ / ٢١٢) برقم : (٢٣٠٠٦) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥١٠) ، وابن كثير (٣ / ٨٠) ، والسيوطي (٤ / ٣٩٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥١٠)
(٣) أخرجه الدارمي (٢ / ٤٧٠) كتاب «فضائل القرآن» باب : «في ختم القرآن».