أن هذه الآية عتاب من الله تعالى لنبيّه حيث لم يستثن ، والتقدير : إلا أن تقول إلّا أن يشاء الله أو إلّا أن تقول : إن شاء الله ، والمعنى : إلا أن تذكر مشيئة الله.
وقوله سبحانه : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) قال ابن عباس (١) والحسن (٢) معناه : الإشارة به إلى الاستثناء ، أي : ولتستثن بعد مدّة إذا نسيت ، أو لا لتخرج من جملة من لم يعلّق فعله بمشيئة الله ، وقال عكرمة : واذكر ربّك إذا غضبت (٣) ، وعبارة الواحديّ : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) ، أي : إذا نسيت الاستثناء بمشيئة الله ، فاذكره وقله إذا تذكّرت. اه.
وقوله سبحانه : (وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي ...) الآية : الجمهور أنّ هذا دعاء مأمور به ، والمعنى : عسى أن يرشدني ربّي فيما أستقبل من أمري ، والآية خطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وهي بعد تعمّ جميع أمته.
وقال الواحديّ : وقل عسى أن يهديني ، أي : يعطيني ربي الآيات من الدلالات على النبوّة ما يكون أقرب في الرشد ، وأدلّ من قصّة أصحاب الكهف ، ثم فعل الله له ذلك حيث آتاه علم غيوب المرسلين وخبرهم. انتهى.
وقوله سبحانه : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ ...) الآية : قال قتادة وغيره : الآية حكاية عن بني إسرائيل (٤) ، أنهم قالوا ذلك ؛ واحتجوا بقراءة (٥) ابن مسعود وفي مصحفه : «وقالوا لبثوا في كهفهم» ، ثم أمر الله نبيّه بأن يردّ العلم إليه ؛ ردّا على مقالهم وتفنيدا لهم ، وقال المحقّقون : بل قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ...) الآية خبر من الله تعالى عن مدّة لبثهم ، وقوله تعالى : (قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) ، أي : فليزل اختلافكم أيها المخرّصون ، وظاهر قوله سبحانه : (وَازْدَادُوا تِسْعاً) أنها أعوام.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٨ / ٢٠٨) ، برقم : (٢٢٩٩٠) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٠٩) ، والبغوي (٣ / ١٥٧) ، وابن كثير (٣ / ٧٩) ، والسيوطي (٤ / ٣٩٤) ، وعزاه لسعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم ، وابن مردويه.
(٢) أخرجه الطبري (٨ / ٢٠٨) برقم : (٢٢٩٩٢) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٠٩) ، والبغوي (٣ / ١٥٧)
(٣) أخرجه الطبري (٨ / ٢٠٩) برقم : (٢٢٩٩٣) بلفظ : «عصيت» ، وذكره البغوي (٣ / ١٥٧) ، وابن كثير (٣ / ٧٩) ، والسيوطي (٤ / ٣٩٥) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان».
(٤) أخرجه الطبري (٨ / ٢١٠) برقم : (٢٢٩٩٦) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥١٠) ، والبغوي (٣ / ١٥٧ ـ ١٥٨) ، وابن كثير (٣ / ٧٩) ، والسيوطي (٤ / ٣٩٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥١٠)