وإنّ الله تعالى مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، فاتّقوا الدّنيا واتّقوا النّساء» (١) (لِنَبْلُوَهُمْ) أي : لنختبرهم ، وفي هذا وعيد ما.
قال سفيان الثّوريّ : أحسنهم عملا : أزهدهم فيها (٢) ، وقال أبو عاصم العسقلانيّ : (أَحْسَنُ عَمَلاً). الترك لها (٣).
قال* ع* (٤) : وكان أبي رحمهالله يقول : أحسن العمل : أخذ بحقّ ، وإنفاق في حقّ ، وأداء الفرائض ، واجتناب المحارم ، والإكثار من المندوب إليه.
وقوله سبحانه : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) أي : يرجع ذلك كلّه ترابا ، «والجرز» : الأرض التي لا شيء فيها من عمارة وزينة ، فهي البلقع ، وهذه حالة الأرض العامرة لا بدّ لها من هذا في الدنيا جزءا جزءا من الأرض ، ثم يعمّها ذلك بأجمعها عند القيامة ، و «الصعيد» وجه الأرض ، وقيل : «الصّعيد» : التراب خاصّة.
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً)(١٠)
وقوله سبحانه : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ، أي : ليسوا بعجب من آيات الله ، أي : فلا يعظم ذلك عليك بحسب ما عظّمه السائلون ، فإن سائر آيات الله أعظم من قصتهم ، وهو قول ابن عباس (٥) وغيره ، واختلف الناس في (الرَّقِيمِ) ما هو؟ اختلافا كثيرا ، فقيل : «الرقيم» كتاب في لوح نحاس ، وقيل : في لوح رصاص ، وقيل : في لوح حجارة كتبوا فيه قصّة أهل الكهف ، وقيل غير هذا ، وروي عن ابن عباس ؛
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٩٨) كتاب «الرقائق» باب : أكثر أهل الجنة الفقراء ، حديث (٩٩ / ٢٧٤٢) ، والترمذي (٤ / ٤٨٣) كتاب «الفتن» باب : ما جاء ما أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة ، حديث (٢١٩١) ، وابن ماجه (٢ / ١٣٢٥) كتاب «الفتن» باب : فتنة النساء ، حديث (٤٠٠٠) ، وأحمد (٣ / ١٩ ، ٢٢ ، ٤٦) ، وأبو يعلى (٢ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣) برقم : (١١٠١) ، وابن حبان (٣٢٢١) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٢) ذكره ابن عطية (٣ / ٤٩٧) ، والسيوطي (٤ / ٣٨٣) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري (٨ / ١٧٨) برقم : (٢٢٨٧٨) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٩٧)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤٩٧)
(٥) أخرجه الطبري (٨ / ١٨٠) برقم : (٢٢٨٩٠) بنحوه ، وذكره ابن كثير (٣ / ٧٣) ، والسيوطي (٤ / ٣٨٤) بنحوه ، وعزاه لابن أبي حاتم.