على سائر الكتب بتصديقها ، ولم يرتضه* ع* (١) ، قال : ويصح أن يكون معنى «قيّم» قيامه بأمر الله على العالم وهذا معنى يؤيّده ما بعده من النّذارة والبشارة اللتين عمتا العالم ، «والبأس الشديد» عذاب الآخرة ، ويحتمل أن يندرج معه في النّذارة عذاب الدنيا ببدر وغيرها ، «و (مِنْ لَدُنْهُ)» ، أي : من عنده ، والمعنى : لينذر العالم و «الأجر الحسن» نعيم الجنة ، ويتقدّمه خير الدنيا.
وقوله تعالى : (إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) ، أي : ما يقولون ، فهي النافية.
(فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦) إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (٧) وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً)(٨)
وقوله سبحانه : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) هذه الآية تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والباخع نفسه هو مهلكها.
قال* ص* : «لعلّ» للترجّي في المحبوب ، وللإشفاق في المحذور ، وهي هنا للإشفاق. انتهى.
وقوله : (عَلى آثارِهِمْ) : استعارة فصيحة من حيث لهم إدبار وتباعد عن الإيمان ؛ فكأنهم من فرط إدبارهم قد بعدوا ، فهو في آثارهم يحزن عليهم.
وقوله : (بِهذَا / الْحَدِيثِ) ، أي : بالقرآن ، «والأسف» المبالغة في حزن أو غضب ، وهو في هذا الموضع الحزن ؛ لأنه على من لا يملك ، ولا هو تحت يد الآسف ، ولو كان الأسف من مقتدر على من هو في قبضته وملكه ، لكان غضبا ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا آسَفُونا) [الزخرف : ٥٥] أي : أغضبونا. قال قتادة : (أَسَفاً) : حزنا (٢).
وقوله سبحانه : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها ...) الآية : بسط في التسلية ، أي : لا تهتمّ بالدنيا وأهلها ، فإن أمرها وأمرهم أقلّ ؛ لفناء ذلك وذهابه ، فإنا إنما جعلنا ما على الأرض زينة وامتحانا واختبارا ، وفي معنى هذه الآية قوله صلىاللهعليهوسلم : «الدّنيا حلوة خضرة ،
__________________
ـ (٤ / ٣٨١ ـ ٣٨٢) بنحوه ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه من طريق علي.
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤٩٥)
(٢) أخرجه الطبري (٨ / ١٧٧ ـ ١٧٨) برقم : (٢٢٨٧٣) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٩٦) ، وابن كثير (٣ / ٧٢) ، والسيوطي (٤ / ٣٨٢) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.