(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً (٨٢) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (٨٣) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً)(٨٤)
وقوله سبحانه : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ ...) الآية : أي شفاء بحسب إزالته للرّيب ، وكشفه غطاء القلب ، وشفاء أيضا من الأمراض بالرقى والتعويذ ونحوه.
وقوله سبحانه : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ) : يحتمل أن يكون (الْإِنْسانِ) عامّا للجنس ، فالكافر يبالغ في الإعراض ، والعاصي يأخذ بحظّ منه و (نأى) أي : بعد ، (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) ، أي : على ما يليق به ، قال ابن عباس : (عَلى شاكِلَتِهِ) معناه : على ناحيته (١) ، وقال قتادة : معناه : على ناحيته وعلى ما ينوي (٢). وقوله سبحانه : (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) توعّد بيّن.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (٨٥) وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (٨٦) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً)(٨٧)
وقوله سبحانه : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) روى ابن مسعود أن اليهود قال بعضهم لبعض : سلوا محمدا عن الرّوح فإن أجاب فيه ، عرفتم أنه ليس بنبي.
قال* ع (٣) * : وذلك أنه كان عندهم في التوراة ؛ أن الروح ممّا انفرد الله بعلمه ، ولا يطّلع عليه أحد من عباده ، فسألوه ، فنزلت الآية.
وقيل : إن الآية مكّية ، والسائلون هم قريش ، بإشارة اليهود ، واختلف الناس في الرّوح المسئول عنه ، أيّ روح هو؟ فقال الجمهور : وقع السؤال عن الأرواح التي في الأشخاص الحيوانيّة ما هي ، فالرّوح : اسم جنس على هذا ، وهذا هو الصواب ، وهو المشكل الذي لا تفسير له.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٨ / ١٤١) برقم (٢٢٦٧٠) وذكره البغوي (٣ / ١٣٣) وابن عطية (٣ / ٤٨١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٦٠) والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٦١) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (٨ / ١٤١) برقم : (٢٢٦٧٣) ، وذكره البغوي (٣ / ١٣٣) بنحوه ، وابن عطية (٣ / ٤٨١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٦٠) بنحوه.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤٨١)