براءته ، وفي طيّ تخويفه تأمينه.
قال عياض رحمهالله : ويجب على المؤمن المجاهد نفسه الرائض بزمام الشريعة خلقه ؛ أن يتأدّب بآداب القرآن في قوله وفعله ومعاطاته ومحاوراته فهو عنصر المعارف الحقيقة ، وروضة الآداب الدينية والدنيوية انتهى.
قال* ع* (١) : وهذا الهمّ من النبيّ صلىاللهعليهوسلم إنما كان خطرة مما لا يمكن دفعه ، ولذلك قيل : (كِدْتَ) وهي تعطي أنه لم يقع ركون ، ثم قيل : (شَيْئاً قَلِيلاً) ؛ إذ كانت المقاربة التي تضمنتها (كِدْتَ) قليلة خطرة لم تتأكّد في النفس.
وقوله : (إِذاً لَأَذَقْناكَ ...) الآية : يبطل أيضا ما ذهب إليه ابن الأنباريّ.
* ت* : وما ذكره* ع* رحمهالله تعالى من البطلان لا يصحّ ، وما قدّمناه عن عياض حسن ؛ فتأمّله.
وقوله : (ضِعْفَ الْحَياةِ) : قال ابن عباس وغيره : يريد ضعف عذاب الحياة ، وضعف عذاب الممات (٢).
(وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً(٧٦) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً)(٧٧)
وقوله سبحانه : (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها ...) الآية : قال الحضرميّ : الضمير في «كادوا» ليهود المدينة وناحيتها ، ذهبوا إلى المكر بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا له : إن هذه الأرض ليست بأرض الأنبياء ، فإن كنت نبيّا ، فاخرج إلى الشام ، فإنها أرض الأنبياء ، فنزلت الآية ، وأخبر سبحانه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لو خرج ، / لم يلبثوا بعده إلا (٣) قليلا ، وقالت فرقة : الضمير لقريش ، قال ابن عباس : وقد وقع استفزازهم وإخراجهم له ، فلم يلبثوا خلفه إلا قليلا يوم بدر (٤).
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤٧٥)
(٢) أخرجه الطبري (٨ / ١٢٠) برقم : (٢٢٥٤٢) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥٣) ، وعزاه لابن جرير.
(٣) أخرجه الطبري (٨ / ١٢١) برقم : (٢٢٥٤٩) ، وذكره البغوي (٣ / ١٢٧) ، وابن كثير (٣ / ٥٣) عن عبد الرحمن بن غنم ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥٣) ، وعزاه لابن جرير.
(٤) أخرجه الطبري (٨ / ١٢١) برقم : (٢٢٥٥٤) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥٤) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.