أن يكون معنى قوله : (أَحاطَ بِالنَّاسِ) في إضلالهم وهدايتهم ، أي : فلا تهتمّ / ، يا محمّد ، بكفر من كفر ، وقال ابن عباس : الرؤيا في هذه الآية هي رؤيا النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه يدخل مكّة ، فعجّل في سنة الحديبية ، فصدّ فافتنن المسلمون لذلك ، يعني بعضهم ، وليس بفتنة كفر (١).
وقوله : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) معطوفة على قوله : (الرُّؤْيَا) ، أي جعلنا الرؤيا والشّجرة فتنة (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ) ؛ في قول الجمهور : هي شجرة الزّقّوم ، وذلك أن أمرها لما نزل في سورة «والصّافّات» قال أبو جهل وغيره : هذا محمّد يتوعّدكم بنار تحرق الحجارة ، ثم يزعم أنها تنبت الشجر ، والنار تأكل الشجر ، وما نعرف الزّقّوم إلا التمر بالزّبد ، ثم أحضر تمرا وزبدا ، وقال لأصحابه ، تزقّموا ، فافتتن أيضا بهذه المقالة بعض الضعفاء ، قال الطبري عن (٢) ابن عباس : أن الشجرة الملعونة ، يريد الملعون أكلها ؛ لأنها لم يجر لها ذكر (٣).
قال* ع* (٤) ويصحّ أن يريد الملعونة هنا ، فأكّد الأمر بقوله : (فِي الْقُرْآنِ) ، وقالت فرقة : (الْمَلْعُونَةَ) ، أي : المبعدة المكروهة ، وهذا قريب في المعنى من الذي قبله ، ولا شك أن ما ينبت في أصل الجحيم هو في نهاية البعد من رحمة الله سبحانه.
وقوله سبحانه : (وَنُخَوِّفُهُمْ) يريد كفّار مكّة.
وقوله : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) الكاف في «أرأيتك» هي كاف خطاب ومبالغة في التنبيه ، لا موضع لها من الإعراب ، فهي زائدة ، ومعنى «أرأيت» : أتأملت ونحوه ، كأنّ المخاطب بها ينبّه المخاطب ليستجمع لما ينصّه بعد.
وقوله : (لَأَحْتَنِكَنَ) معناه لأميلنّ ولأجرّنّ ، وهو مأخوذ من تحنيك الدابّة ، وهو أن يشدّ على حنكها بحبل أو غيره ، فتقاد ، والسّنة تحتنك المال ، أي : تجتره ، وقال الطبري (٥) «لأحتنكنّ» معناه لأستأصلنّ ، وعن ابن عباس : لأستولين (٦) ، وقال ابن زيد (٧) : لأضلّنّ.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٨ / ١٠٣) برقم : (٢٢٤٣٣) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٦٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٤٦) ، وعزاه لابن إسحاق ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في «البعث».
(٢) ينظر : «الطبري» (٨ / ١٠٣)
(٣) ذكره ابن عطية (٣ / ٤٦٨)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤٦٨)
(٥) ينظر : «الطبري» (٨ / ١٠٧)
(٦) أخرجه الطبري (٨ / ١٠٧) برقم : (٢٢٤٦١) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٤٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٤٧) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٧) أخرجه الطبري (٨ / ١٠٧) برقم : (٢٢٤٦٢) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ـ