بَيِّنَةٌ
مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ
وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٧٣)
وقوله سبحانه :
(وَإِلى ثَمُودَ
أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ
قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً
فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ
عَذابٌ أَلِيمٌ) قرأ الجمهور : «وإلى ثمود» بغير صرف ؛ على إرادة القبيلة ، وقرأ يحيى بن وثّاب والأعمش : «وإلى ثمود» بالصرف ؛ على إرادة الحيّ
والقراءتان فصيحتان ، مستعملتان ، وقد قال تعالى : (أَلا إِنَّ ثَمُودَ
كَفَرُوا رَبَّهُمْ) [هود : ٦٨] ، و (أَخاهُمْ) عطف على «نوح» ، والمعنى : وأرسلنا إلى ثمود أخاهم ،
وهي أخوّة نسب ، وهم قوم عرب ، فهود وصالح عربيّان ، وكذلك إسماعيل وشعيب ؛ كذا
قال الناس ، وفي أمر إسماعيل نظر.
* ت* : النظر
الذي أشار إليه لا يخفى عليك ؛ وذلك أن إسماعيل والده إبراهيم عليهالسلام أعجميّ ، وتعلّم إسماعيل العربية من العرب الّذين نزلوا
عليه بمكّة ؛ حسب ما ذكره أهل السيرة فهذا وجه النظر الذي أشار إليه ، وفي نظره رحمهالله نظر يمنعني من البحث معه ما أنا له قاصد من الإيجاز
والاختصار ، دون البسط والانتشار ، نعم خرّج أبو بكر الآجرّيّ من حديث أبي ذر رضي
الله عنه عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «وأربعة من العرب : هود ، وشعيب ، وصالح ونبيّك ،
يا أبا ذرّ» انتهى ، ولم يذكر إسماعيل ، فهذا الحديث قد يعضد ما قاله* ع* : وصالح عليهالسلام هو صالح بن عبيد بن عابر بن إرم بن سام بن نوح ؛ كذا
ذكر مكّيّ.
قال وهب : بعثه الله حين راهق الحلم ، ولمّا هلك قومه ، ارتحل
بمن معه إلى مكّة ، فأقاموا بها حتى ماتوا فقبورهم بين دار الندوة والحجر ، أي :
كما ارتحل هود بمن معه إلى مكّة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
__________________