أولادها في حجاج عين رجل منهم. وفي خبرهم : أن الله سبحانه لما أهلكهم بعث
طيرا ، فنقلت جيفهم حتى طرحتها في البحر ، فذلك قوله سبحانه : (فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا
مَساكِنُهُمْ) [الأحقاف : ٢٥] وفي بعض ما روي من شأنهم أن الريح لم تبعث قط إلا بمكيال
إلا يومئذ ، فإنها عتت على الخزنة ، فغلبتهم ، فذلك قوله سبحانه : (فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) [الحاقة : ٦] وروي أن هودا لما هلكت عاد نزل بمن آمن معه إلى «مكة» فكانوا
بها حتى ماتوا ، فالله أعلم أي ذلك كان.
وقولهم : (أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ
...) الآية : ظاهر قولهم وحده أنهم أنكروا أن يتركوا أصنامهم
، ويفردون العبادة لله مع إقرارهم بالإله الخالق المبدع ، وهذا هو الأظهر فيهم ،
وفي عباد الأوثان كلهم ، ولا يجحد ربوبية الله تعالى من الكفرة إلا من أفرطت
غباوته.
وقولهم : (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) : تصميم على التكذيب ، واستعجال للعقوبة.
(قالَ قَدْ وَقَعَ
عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ
سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ
فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (٧١) فَأَنْجَيْناهُ
وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآياتِنا وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ)
(٧٢)
وقوله سبحانه :
(قالَ قَدْ وَقَعَ
عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ
سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما نَزَّلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ
فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ
مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ...) الآية : أعلمهم بأن القضاء قد نفذ ، وحلّ عليهم الرجس ،
وهو السخط والعذاب.
/ وقوله : (أَتُجادِلُونَنِي فِي أَسْماءٍ
سَمَّيْتُمُوها) أي : في مسمّيات سميتموها آلهة ، (وَقَطَعْنا دابِرَ) استعارة تستعمل فيمن يستأصل بالهلاك ، والدابر : الذي
يدبر القوم ، ويأتي خلفهم ، فإذا انتهى القطع والاستئصال إلى ذلك ، فلم يبق أحد.
وقوله : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) دالّ على المعجزة ، وإن لم تتعين.
* ت* : ومن
معجزاته قوله : (فَكِيدُونِي جَمِيعاً
ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) [هود : ٥٥] على ما سيأتي إن شاء الله في موضعه.
(وَإِلى ثَمُودَ
أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ
قَدْ جاءَتْكُمْ