بالآية : من آمن من أهل الكتاب ؛ كعبد الله بن سلام (١) وغيره.
قال* ع (٢) * : والمعنى مدحهم ، وباقي الآية بيّن.
(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤١) وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(٤٣)
وقوله سبحانه : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) : المعنى أنّ الله سبحانه يمحو من الأمور ما يشاء ، ويغيّرها عن أحوالها مما سبق في علمه محوه وتغييره ، ويثبتها في الحالة التي ينقلها إليها حسب ما سبق في علمه.
قال* ع (٣) * : وأصوب ما يفسّر به (أُمُّ الْكِتابِ) : أنه كتاب الأمور المجزومة التي قد سبق القضاء فيها بما هو كائن ، وسبق ألّا تبدّل ويبقى المحو والتثبيت في الأمور التي قد سبق في القضاء أن تبدّل وتمحى وتثبت ؛ قال نحوه قتادة (٤) ، وقوله سبحانه : (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) : «إن» : شرط دخلت عليها «ما» ، وقوله : (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) ، «أو» عاطفة ، وقوله : (فَإِنَّما) : جواب الشرط ، ومعنى الآية : إن نبقك يا محمّد ، لترى بعض الذي نعدهم ، أو نتوفينّك قبل ذلك ، فعلى كلا الوجهين ، فإنما يلزمك البلاغ فقط ، والضمير في قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا) : عائد على كفّار قريش ؛ كالذي في (نَعِدُهُمْ).
وقوله : (نَأْتِي) : معناه : بالقدرة والأمر. و (الْأَرْضَ) : يريد بها اسم الجنس ، وقيل : يريد أرض الكفّار المذكورين ، المعنى : أو لم يروا أنا نأتي أرض هؤلاء بالفتح / عليك ، فننقصها بما يدخل في دينك من القبائل والبلاد المجاورة لهم ، فما يؤمنهم أن نمكّنك منهم أيضا ؛ قاله ابن عباس ، وهذا على أن الآية مدنيّة (٥) ، ومن قال : إن الأرض
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٣٩٧) برقم : (٢٠٤٥٨) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣١٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٧ / ١٢١) ، وعزاه لابن جرير ، وأبي الشيخ.
(٢) ينظر : «المحرر» (٣ / ٣١٥)
(٣) ينظر : «المحرر» (٣ / ٣١٨)
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ٤٠٤) برقم : (٢٠٥٠٧) بنحوه ، وابن عطية (٣ / ٣١٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٢٠) بنحوه ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٢٥) ، وعزاه لابن جرير.
(٥) أخرجه الطبري (٧ / ٤٠٦) برقم (٢٠٥١٤) بنحوه ، وذكره البغوي (٣ / ٢٤) ، وابن عطية (٣ / ٣١٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٩٢٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٢٧) ، وعزاه لابن جرير.