ذوي الألباب ، ولذلك لا تنكشف له أسرار الكتاب ، انتهى.
و (جَنَّاتُ) : بدل من (عُقْبَى) وتفسير لها ، و (عَدْنٍ) : هي مدينة الجنّة ووسطها ، ومعناها : جنّات الإقامة ؛ من عدن في المكان ، إذا أقام فيه طويلا ، ومنه المعادن ، و (جَنَّاتُ عَدْنٍ) : يقال : هي مسكن الأنبياء والشّهداء والعلماء فقط ؛ قاله عبد الله بن عمرو بن العاص (١) ، ويروى أنّ لها خمسة آلاف باب ، وقوله : (وَمَنْ صَلَحَ) : أي : عمل صالحا ، (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) : أي : يقولون : سلام عليكم ، والمعنى : هذا بما صبرتم ، وباقي الآية واضح.
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ ...) الآية : هذه صفة حال مضادّة للمتقدّمة ـ نعوذ بالله من سخطه ـ.
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)(٢٩)
وقوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ...) الآية : لما أخبر عمّن تقدّم وصفه بأنّ لهم اللعنة وسوء الدار ، أنحى بعد ذلك على أغنيائهم ، / وحقّر شأنهم وشأن أموالهم ، المعنى : إنّ هذا كلّه بمشيئة الله يهب الكافر المال ؛ لهلكه به ، ويقدر على المؤمن ؛ ليعظم ذلك أجره وذخره.
وقوله : (وَيَقْدِرُ) : من التّقدير المناقض للبسط والاتساع.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ...) الآية : رد على مقترحي الآيات من كفّار قريش ؛ كما تقدّم.
وقوله سبحانه : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) : «الذين» : بدل من «من» في قوله : (مَنْ أَنابَ) ، وطمأنينة القلوب هي الاستكانة والسرور بذكر الله ، والسكون به ، كمالا به ، ورضا بالثواب عليه ، وجودة اليقين ، ثم قال سبحانه : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) : أي : لا بالآيات المقترحة التي ربّما كفر بعدها ؛ فنزل العذاب ، و «الذين» الثاني :
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٣٧٦) برقم : (٢٠٣٤١) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣١٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ١٥٠)