يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣) وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ)(٩٤)
وقوله : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ) : قال ابن عباس : معناه : الذي يبقي الله لكم من أموالكم بعد توفيتكم / الكيل والوزن خير لكم مما تستكثرون به على غير وجهه (١) ، وهذا تفسير يليق بلفظ الآية ، وقال مجاهد : معناه : طاعة الله (٢) ، وهذا لا يعطيه لفظ الآية.
قال* ص* : وقرأ الحسن (٣) : «تقيّة الله» ، أي : تقواه.
قال* ع (٤) * : وإنما المعنى عندي : إبقاء الله عليكم إن أطعتم ، وقولهم : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) : قالت فرقة : أرادوا الصلوات المعروفة ، وروي أن شعيبا عليهالسلام كان أكثر الأنبياء صلاة ، وقال الحسن : لم يبعث الله نبيّا إلا فرض عليه الصّلاة والزّكاة (٥) ، وقيل : أرادوا : أدعواتك ، وذلك أنّ من حصّل في رتبة من خير أو شرّ ، ففي الأكثر تدعوه رتبته إلى التزيّد من ذلك النوع ، فمعنى هذا : لما كنت مصلّيا ، تجاوزت إلى ذمّ شرعنا وحالنا ، فكأن حاله من الصلاة جسّرته على ذلك ، فقيل : أمرته ؛ كما قال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت : ٤٥].
قال* ص ، وع (٦) * : (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ) : معطوف على (ما يَعْبُدُ) ، و «أو» للتنويع ، انتهى. وظاهر حالهم الذي أشاروا إليه هو بخس الكيل والوزن الذي تقدّم ذكره ، وروي أن الإشارة إلى قرضهم الدّينار والدّرهم ، وإجراء ذلك مع الصّحيح على جهة التدليس ؛ قاله محمّد بن كعب القرظيّ (٧) ، وتؤوّل أيضا بمعنى تبديل السّكك التي يقصد بها أكل أموال الناس ، قال ابن العربيّ (٨) : قال ابن المسيّب : قطع الدنانير والدّراهم من الفساد في
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٣ / ١٩٩) ، والبغوي في «تفسيره» (٢ / ٣٩٨)
(٢) أخرجه الطبري (٧ / ٩٩) برقم : (١٨٤٩١ ، ١٨٤٩٦) ، وذكره ابن عطية (٣ / ١٩٩) ، والبغوي (٢ / ٨٦١) بنحوه ، وابن كثير (٢ / ٤٥٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٢٦) ، وعزاه إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٣) ينظر : «البحر المحيط» (٥ / ٢٥٣)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ١٩٩)
(٥) ذكره ابن عطية (٣ / ٢٠٠)
(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٢٠٠)
(٧) أخرجه الطبري (٧ / ١٠٠) برقم : (١٨٥٠٢ ـ ١٨٥٠٣) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٢٠١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٢٧) ، وعزاه إلى ابن المنذر.
(٨) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٠٦٤)