الأرض ؛ وكذلك قال زيد بن أسلم في (١) هذه الآية ، وفسّرها به ، ومثله عن يحيى بن سعيد من رواية مالك ، قال ابن العربيّ : وإذا كان قطع الدنانير والدّراهم وقرضها من الفساد ، عوقب من فعل ذلك ، وقرض الدراهم غير كسرها ؛ فإن الكسر : فساد الوصف ، والقرض : تنقيص للقدر ، وهو أشدّ من كسرها ، فهو كالسرقة. انتهى من «الأحكام» مختصرا ، وبعضه بالمعنى ، وقولهم : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) : قيل : إنهم قالوه ؛ على جهة الحقيقة ، أي : أنت حليم رشيد ، فلا ينبغي لك أن تنهانا عن هذه الأحوال ، وقيل : إنما قالوا هذا ؛ على جهة الاستهزاء.
وقوله : (وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً) : أي : سالما من الفساد الذي أدخلتم في أموالكم ، وجواب الشّرط الذي في قوله : (إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) محذوف ، تقديره : أأضلّ كما ضللتم ، أو أترك تبليغ رسالة ربّي ، ونحو هذا.
وقوله : (لا يَجْرِمَنَّكُمْ) : معناه : لا يكسبنّكم ، و (شِقاقِي) : معناه : مشاقتي ، وعداوتي و «أن» : مفعولة ب (يَجْرِمَنَّكُمْ).
قال* ص ، وع (٢) * : (وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) : أي : بزمان بعيد ، أو بمكان.
قال* ص* : (وَدُودٌ) بناء مبالغة من ودّ الشّيء ، إذا أحبّه ، وآثره.
* ع (٣) * : ومعناه : أن أفعاله سبحانه ولطفه بعباده لمّا كانت في غاية الإحسان إليهم ، كانت كفعل من يتودّد ويودّ المصنوع له ، وقولهم : (ما نَفْقَهُ) : كقول قريش : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) [فصلت : ٥] ، والظاهر من قولهم : (إِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً) : أنهم أرادوا ضعف الانتصار والقدرة ، وأنّ رهطه الكفرة يراعون فيه ، والرّهط : جماعة الرجل ، وقولهم : (لَرَجَمْناكَ) أي : بالحجارة ؛ قاله ابن زيد ، وقيل (٤) : بالسّبّ باللسان ، وقولهم : (بِعَزِيزٍ) : أي : بذي منعة وعزة ، ومنزلة ، و «الظّهريّ» : الشيء الذي يكون وراء الظهر ، وذلك يكون في الكلام على وجهين : إما بمعنى الاطّراح ؛ كما تقول : جعلت كلامي وراء
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ١٠٠) برقم : (١٨٥٠١) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٢٧) ، وعزاه إلى ابن المنذر ، وأبي الشيخ.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٢٠١ ـ ٢٠٢)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٢٠٢)
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ١٠٤) برقم : (١٨٥٢٧) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٢٠٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٦٣٠) ، وعزاه لأبي الشيخ.