جميع فضل الله سبحانه ، وجميع تقصير الخلق.
وقوله سبحانه : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ ...) الآية : مقصد هذه الآية وصف إحاطة الله عزوجل بكلّ شيء ، لا ربّ غيره ، ومعنى اللفظ : وما تكون يا محمّد ، والمراد هو وغيره في شأن من جميع الشؤون ، (وَما تَتْلُوا مِنْهُ) : الضمير عائد على شأن أي : فيه وبسببه «من قرآن» ، ويحتمل أن يعود الضمير على جميع القرآن.
وقال* ص* : ضمير «منه» عائد على «شأن» و (مِنْ قُرْآنٍ) : تفسير للضمير. انتهى. وهو حسن ، ثم عمّ سبحانه بقوله : (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) ، وفي قوله سبحانه : (إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) تحذير وتنبيه.
* ت* وهذه الآية عظيمة الموقع لأهل المراقبة تثير من قلوبهم أسرارا ، ويغترفون من بحر فيضها أنوارا ، و (تُفِيضُونَ) معناه : تأخذون وتنهضون بجدّ ، (وَما يَعْزُبُ) : معناه : وما يغيب (عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ) والكتاب المبين هو اللوح المحفوظ ، ويحتمل ما كتبته الحفظة.
(أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ(٦٣) لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)(٦٤)
وقوله سبحانه : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ ...) الآية : «ألا» استفتاح وتنبيه ، و (أَوْلِياءَ اللهِ) : هم المؤمنون الذين والوه بالطاعة والعبادة ، وهذه الآية يعطي ظاهرها أنّ من آمن واتقى الله ، فهو داخل في أولياء الله ، وهذا هو الذي تقتضيه الشريعة في الوليّ ، وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه سئل ، من أولياء الله؟ فقال : «الّذين إذا رأيتهم ذكرت الله» (١).
قال : * ع (٢) * : وهذا وصف لازم للمتّقين ؛ لأنهم يخشعون ويخشّعون ، وروي عنه صلىاللهعليهوسلم أيضا أنّه قال : «أولياء الله قوم تحابّوا في الله ، واجتمعوا في ذاته ، لم تجمعهم قرابة ولا مال يتعاطونه». وروى الدارقطنيّ في «سننه» عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه قال : «خيار عباد
__________________
(١) ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١٠ / ٨١) وقال : رواه البزار عن شيخه علي بن حرب الرازي ولم أعرفه ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٥٦) ، وزاد في نسبته إلى ابن المبارك ، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، عن ابن عباس.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ١٢٨)