أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ)(٣١)
وقوله سبحانه : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) : قال الجمهور : (الْحُسْنى) : الجنة ، وال (زِيادَةٌ) : النّظر إلى وجه الله عزوجل ؛ وفي «صحيح مسلم» من حديث صهيب : «فيكشف الحجاب ، فما أعطوا شيئا أحبّ إليهم من النّظر إلى ربّهم عزوجل» ، وفي رواية : ثمّ تلا هذه الآية : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) وأخرج هذه الزيادة النّسائيّ عن صهيب ، وأخرجها عن صهيب أيضا أبو داود الطّيالسي (١) انتهى من «التذكرة» (٢).
وقوله سبحانه : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ ...) الآية. و (يَرْهَقُ) معناه : يغشى مع غلبة وتضييق ، وال (قَتَرٌ) : الغبار المسودّ.
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) قالت فرقة : التقدير لهم جزاء سيئة بمثلها ، وقالت فرقة : التقدير جزاء سيّئة مثلها ، والباء زائدة ، وتعم السيئات هاهنا الكفر والمعاصي ، وال (عاصِمٍ) : المنجّي والمجير ، و (أُغْشِيَتْ) : كسبت ، و «القطع» : جمع قطعة ، وقرأ ابن كثير والكسائيّ : «قطعا من اللّيل» ـ بسكون الطاء ـ (٣) ، وهو الجزء من الليل ، والمراد : الجزء من سواده ، وباقي الآية بيّن.
و (مَكانَكُمْ) : اسم فعل الأمر ، ومعناه : قفوا واسكنوا ، * ت* : قال* ص* : وقدّر ب «اثبتوا» وأما من قدّره ب «الزموا مكانكم» ، فمردود ، لأن «الزموا» متعدّ ، و (مَكانَكُمْ) : لا يتعدّى ، فلا يقدّر به ، وإلا لكان متعديا ، واسم الفعل على حسب الفعل إن متعديا فمتعدّ ، وإن لازما فلازم ، ثم اعتذر بأنه يمكن أن يكون تقديره ب «الزموا» تقدير معنّى ، لا تقدير إعراب ، فلا اعتراض ، انتهى.
قال* ع (٤) * : فأخبر سبحانه عن حالة تكون لعبدة الأوثان يوم القيامة يؤمرون
__________________
(١) أخرجه مسلم (١ / ٥٥٤ ـ ٥٥٥) ـ ، كتاب «الإيمان» باب : إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم ، حديث (٢٩٧ ـ ٢٩٨ / ١٨١) ، والنسائي في «التفسير» (٢٥٤) ، وابن ماجه (١٨٧) ، والترمذي (٢٥٥٢)
(٢) ينظر : «التذكرة» للقرطبي (٢ / ٦٥٣)
(٣) وتحتمل هذه القراءة أن تكون مفردا من الجمع ، أو تخفيفا من قطع مثل نطع ، ونطع.
ينظر : «الدر المصون» (٤ / ٢٥)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ١١٧)