عتاب على سوء الخلق من بعض الناس ، ومضمّنه النهي عن مثل هذا ، والأمر بالتسليم إلى الله والضّراعة إليه في كلّ حال ، والعلم بأنّ الخير والشر منه ، لا ربّ غيره ، وقوله : (لِجَنْبِهِ) ، في موضع الحال ؛ كأنه قال : مضطجعا ، والضّرّ عام لجميع الأمراض والرزايا.
وقوله : (مَرَّ) يقتضي أن نزولها في الكفّار ، ثم هي بعد تتناول كلّ من دخل تحت معناها من كافر وعاص.
وقوله سبحانه : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ / قَبْلِكُمْ ...) الآية : آية وعيد للكفّار ، وضرب أمثال لهم ، و (خَلائِفَ) : جمع خليفة.
وقوله : (لِنَنْظُرَ) : معناه : لنبيّن في الوجود ما علمناه أزلا ، لكن جرى القول على طريق الإيجاز والفصاحة والمجاز ، وقال عمر رضي الله عنه : إنّ الله تعالى إنما جعلنا خلفاء ؛ لينظر كيف عملنا ؛ فأروا الله حسن أعمالكم في السر والعلانية (١).
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (١٧) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(١٨)
وقوله سبحانه : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا) يعني : بعض كفار قريش : (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ) ، ثم أمر سبحانه نبيه أن يردّ عليهم بالحق الواضح ، فقال : (قُلْ لَوْ شاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ) ولا أعلمكم به ، و (أَدْراكُمْ) بمعنى : أعلمكم ، تقول : دريت بالأمر ، وأدريت به غيري ، ثم قال : (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ) يعني : الأربعين سنة قبل بعثته عليهالسلام ، أي : فلم تجرّبوني في كذب ، ولا تكلّمت في شيء من هذا (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ؛ أنّ من كان على هذه الصفة لا يصحّ منه كذب بعد أن ولّى عمره ، وتقاصر أمله ، واشتدّت حنكته وخوفه لربّه.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٥٣٩) برقم : (١٧٥٩٤) ، وذكره ابن عطية (٣ / ١١٠) ، والسيوطي (٣ / ٥٤٠) ، وعزاه لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، عن قتادة.