فهي تحيّة موضوعة من أول الخلقة إلى غير نهاية ، وقد روى ابن القاسم ، عن مالك في قوله تعالى : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) أي : هذا السّلام الذي بين أظهركم ، وهذا أظهر الأقوال ، والله أعلم. انتهى.
وقرأ الجمهور (١) : «أن الحمد لله» ، وهي عند سيبويه (٢) «أن» المخفّفة من الثقيلة ؛ قال أبو الفتح : فهي بمنزلة قول الأعشى : [البسيط] :
في فتية كسيوف الهند قد علموا |
|
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (٣) |
(وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١١) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٢) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣) ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)(١٤)
وقوله سبحانه : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ...) الآية : هذه الآية نزلت ، في دعاء الرّجل على نفسه أو ولده ، أو ماله ، فأخبر سبحانه أنّه لو فعل مع النّاس في إجابته إلى المكروه مثل ما يريد فعله معهم في إجابته إلى الخير ، لأهلكهم ، وحذف بعد ذلك جملة يتضمّنها الظاهر ، تقديرها : فلا يفعل ذلك ، ولكن يذر (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ...) الآية ، وقيل : إن هذه الآية نزلت في قولهم : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ) [الأنفال : ٣٢] ، وقيل : نزلت في قولهم : (ائْتِنا بِما تَعِدُنا) [هود : ٣٢] ، وما جرى مجراه ، والعمه : الخبط في ضلال.
وقوله سبحانه : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ ...) الآية : هذه الآية أيضا
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ١٠٨) ، و «البحر المحيط» (٥ / ١٣٢)
(٢) ينظر : «الكتاب» (١ / ٤٨٠)
(٣) ينظر : «ديوانه» ص : (١٠٩) ، و «الأزهية» ص : (٦٤) ، و «الإنصاف» ص : (١٩٩) ، و «تلخيص الشواهد» ص : (٣٨٢) ، و «خزانة الأدب» (٥ / ٤٢٦) ، (٨ / ٣٩٠) ، (١٠ / ٣٩٣) ، (١١ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤) ، و «الدرر» (٢ / ١٩٤) ، و «شرح أبيات سيبويه» (٢ / ٧٦) ، و «الكتاب» (٢ / ١٣٧) ، (٣ / ٧٤ ، ١٦٤ ، ٤٥٤) ، و «المحتسب» (١ / ٣٠٨) ، و «مغني اللبيب» (١ / ٣١٤) ، و «المقاصد النحويّة» (٢ / ٢٨٧) ، و «المنصف» (٣ / ١٢٩) ، وبلا نسبة في «خزانة الأدب» (١٠ / ٣٩١) و «رصف المباني» ص : (١١٥) ، و «شرح المفصل» (٨ / ٧١) ، و «المقتضب» (٣ / ٩) ، و «همع الهوامع» (١ / ١٤٢)