وقوله سبحانه : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) يصحّ أن يريد بالأمر اسم الجنس من الأمور ، ويصحّ أن يريد الأمر الذي هو مصدر أمر يأمر ، وتدبيره لا إله إلا هو إنما هو الإنفاذ ؛ لأنه قد أحاط بكلّ شيء علما ، قال مجاهد : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : معناه : يقضيه وحده (١).
وقوله سبحانه : (ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) ؛ ردّ على العرب في اعتقادها ؛ أن الأصنام تشفع لها عند الله.
(ذلِكُمُ اللهُ) أي : الذي هذه صفاته فاعبدوه ، ثم قرّرهم على هذه الآيات والعبر ، فقال : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ).
وقوله : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ...) الآية إنباء بالبعث.
وقوله : (يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) يريد : النشأة الأولى ، والإعادة : هي البعث من القبور.
(لِيَجْزِيَ) : هي لام كي ، والمعنى : أنّ الإعادة إنما هي ليقع الجزاء على الأعمال.
وقوله : (بِالْقِسْطِ) : أي : بالعدل.
وقوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) : ابتداء ، والحميم الحارّ المسخّن ، وحميم النار فيما ذكر عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إذا أدناه الكافر من فيه ، تساقطت فروة رأسه» (٢) وهو كما وصفه سبحانه : (يَشْوِي الْوُجُوهَ) [الكهف : ٢٩].
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦) إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)(٩)
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٥٣٠) برقم : (١٧٥٥٩ ، ١٧٥٦٢) ، وذكره ابن عطية (٣ / ١٠٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٣٦) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه الترمذي (٤ / ٧٠٦) كتاب «صفة جهنم» باب : ما جاء في صفة شراب أهل النار ، حديث (٢٥٨٤) ، وفي (٥ / ٤٢٦) كتاب «التفسير» باب : ومن سورة سأل سائل ، حديث (٣٣٢٢) ، وأحمد (٣ / ٧٠ ـ ٧١) ، وأبو يعلى (٢ / ٥٢٠) رقم : (١٣٧٥) ، والحاكم (٤ / ٦٠٢) من حديث أبي سعيد الخدري. وقال الترمذي : هذا حديث غريب.