بالآية ؛ ومن هذه اللفظة قول حسّان رضي الله عنه (١) : [الطويل]
لنا القدم العليا إليك وخلفنا |
|
لأوّلنا في طاعة الله تابع (٢) |
ومن هذه اللفظة قوله صلىاللهعليهوسلم : «حتّى يضع الجبّار فيها قدمه» (٣) أي ما قدّم لها ، هذا على أن الجبّار اسم الله تعالى ، و «الصّدق» هنا بمعنى الصّلاح ، وقال البخاريّ : قال زيد بن أسلم : (قَدَمَ صِدْقٍ) محمّد صلىاللهعليهوسلم (٤). انتهى.
وقولهم : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) : إنما هو بسبب أنّه فرّق بذلك كلمتهم ، وحال بين القريب وقريبه ؛ فأشبه ذلك ما يفعله السّاحر في ظنّهم القاصر ؛ فسمّوه ساحرا.
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٣) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ)(٤)
وقوله سبحانه : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...) الآية : هذا ابتداء دعاء إلى عبادة الله عزوجل وتوحيده ، وذكر بعض الناس أنّ الحكمة في خلق الله تعالى هذه الأشياء في مدّة محدودة ممتدّة ، وفي القدرة أن يقول لها : كن ؛ فتكون ، إنما هي ليعلّم عباده التّؤدة والتماهل في الأمور ، قال* ع (٥) * : وهذا مما لا يوصل إلى تعليله ، وعلى هذا هي الأجنة في البطون ، وخلق الثمار ، وغير ذلك ، والله عزوجل قد جعل لكلّ شيء قدرا ، وهو أعلم بوجه الحكمة في ذلك.
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٣ / ١٠٣)
(٢) البيت في «ديوانه» (٢٤١) ، والطبري (١٣ / ٢٠٩) ، و «البحر» (٥ / ١٢٤) ، و «الدر المصون» (٣ / ٣٦٦) ، و «المحرر الوجيز» (٣ / ١٠٣)
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٤٦٠) كتاب «التفسير» باب : وتقول : (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ، حديث (٤٨٤٨) ، ومسلم (٤ / ٢١٨٧) كتاب «الجنة» باب : النار يدخلها الجبارون ، حديث (٣٧ / ٢٨٤٨) ، والترمذي (٥ / ٣٩٠) كتاب «التفسير» باب : ومن سورة ق ، حديث (٣٢٧٢) ، وأحمد (٣ / ١٣٤ ، ١٤١ ، ٢٣٤) ، وأبو يعلى (٥ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩) ، رقم : (٣١٤٠) ، وابن حبان (٢٦٨) ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» ص : (٣٤٩) من حديث أنس.
(٤) أخرجه البخاري (٨ / ١٩٦) كتاب «التفسير» باب : «سورة يونس» ، وذكر معلقا بصيغة الجزم ، ووصله ابن جرير من طريق ابن عيينة ، عنه بهذا الحديث. كما قال ابن حجر ، والطبري (٦ / ٥٢٩) برقم : (١٧٥٥٧) ، وذكره ابن عطية (٣ / ١٠٣) بنحوه ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٥٣٦)
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ١٠٤)