قال مجاهد : ففيهم نزلت هذه الأربع آيات (١).
وقوله : (أَنْزَلْنا) يحتمل التّدريج أي : لما أنزل المطر ، فكان عنه جميع ما يلبس ، ويحتمل أن يريد ب (أَنْزَلْنا) خلقنا ، كقوله : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [الزمر : ٦] ، (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) [الحديد : ٢٥] و (لِباساً) عام في جميع ما يلبس ، و (يُوارِي) : يستر.
وقرأ الجمهور : «وريشا» ، وقرأ عاصم ، وأبو عمرو «ورياشا» وهما عبارتان عن سعة الرزق ، ورفاهة العيش ، وجودة الملبس والتمتع.
وقال البخاري : قال ابن عباس : وريشا : المال انتهى (٢).
وقرأ نافع (٣) ، وغيره : «ولباس» بالنصب.
وقرأ حمزة ، وغيره بالرفع. وقوله : (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) إشارة إلى جميع ما أنزل الله من اللّباس والرّيش. وحكى النّقّاش : أن الإشارة إلى لباس التّقوى ؛ أي : هو في العبد آية ؛ أي : علامة وأمارة من الله تعالى أنه قد رضي عنه ، ورحمه.
وقال ابن عبّاس : لباس التقوى هو السّمت الحسن (٤) في الوجه. وقاله عثمان بن عفان على المنبر.
وقال ابن عبّاس أيضا : هو العمل الصالح (٥).
وقال عروة بن الزبير : هو خشية الله (٦) وقيل : هو لباس الصوف ، وكل ما فيه تواضع لله عزوجل.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٥ / ٤٥٥) برقم : (١٤٤٢٥) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٨٨)
(٢) أخرجه البخاري معلقا بصيغة الجزم (٦ / ٤١٦) : كتاب «أحاديث الأنبياء» ، باب : «خلق آدم وذريته» ، وقال ابن حجر : «هو قول ابن عباس ، ووصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه» ، والطبري (٥ / ٤٥٧) برقم : (١٤٤٣٣) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٨٩) ، والبغوي (٢ / ١٥٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٤١) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٣) وقرأ بها ابن عامر والكسائي. عطفوا على الريش ، والمعنى : وأنزلنا عليكم لباس التقوى.
ينظر : «السبعة» (٢٨٠) ، و «الحجة» (٤ / ١٢) ، و «حجة القراءات» (٢٨٠) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١٧٨) ، و «العنوان» (٩٥) ، «شرح الطيبة» (٤ / ٢٩٣) ، «شرح شعلة» (٣٨٧) ، «إتحاف» (١ / ٤٦) ، «معاني القراءات» (١ / ٤٠٣)
(٤) أخرجه الطبري (٥٠ / ٤٥٨) برقم : (١٤٤٤٩) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٨٩) ، والسيوطي (٣ / ١٤٢)
(٥) أخرجه الطبري (٥ / ٤٥٨) برقم : (١٤٤٤٩) وذكره ابن عطية (٢ / ٣٨٩) ، والبغوي (٢ / ١٥٥)
(٦) أخرجه الطبري (٥ / ٤٥٩) برقم : (١٤٤٥٢) ، وذكره ابن كثير (٢ / ٢٠٧)