فبعزّتي لأهبطنك إلى الأرض ، ثم لا تنال العيش إلا كدّا (١).
وقوله : (عَنْ تِلْكُمَا) بحسب اللفظ أنه إنما أشار إلى شجرة مخصوصة ، (وَأَقُلْ لَكُما : إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) إشارة إلى الآية التي في «طه» في قوله : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) [طه : ١١٧] وهذا هو العهد الذي نسيه آدم على مذهب من جعل النسيان على بابه ، وقولهما : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) اعتراف من آدم وحواء عليهماالسلام وطلب للتوبة ، والستر ، والتغمّد بالرحمة ، فطلب آدم هذا ، فأجيب ، وطلب إبليس النّظرة ، ولم يطلب التّوبة ، فوكل إلى سوء رأيه.
قال الضحاك وغيره : هذه الآية هي الكلمات التي تلقى آدم من ربّه ، وقوله عزوجل : (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) المخاطبة بقوله : (اهْبِطُوا).
قال : أبو صالح ، والسدي ، والطبري ، وغيرهم : هي لآدم ، وحوّاء ، وإبليس ، والحية.
وقالت فرقة : هي مخاطبة لآدم وذريته ، وإبليس وذريته.
قال* ع* (٢) : وهذا ضعيف لعدمهم في ذلك الوقت.
ت : وما ضعفه رحمهالله صحّحه في «سورة البقرة» ، فتأمله هناك ، وعداوة الحية معروفة.
روى قتادة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ» (٣).
(يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(٢٦)
وقوله سبحانه : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ) الآية خطاب لجميع الأمم وقت النبي صلىاللهعليهوسلم والسّبب والمراد : قريش ، ومن كان من العرب يتعرّى في طوافه بالبيت.
__________________
(١) تقدم تخريجه في أوائل سورة البقرة.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٣٨٧)
(٣) ورد هذا الحديث مسندا من حديث أبي هريرة ، وابن عباس.
حديث أبي هريرة : أخرجه أبو داود (٢ / ٧٨٥) ، كتاب «الأدب» ، باب : في قتل الحيات ، حديث (٥٢٤٨) ، وأحمد (٢ / ٢٣٢ ، ٢٤٧ ، ٥٢٠) ، وابن حبان (١٠٧٩ ـ موارد) ، وابن ماجه (٣٢٢٤) ، والدارمي (٢ / ٨٨ ـ ٨٩) ، والبيهقي (٩ / ٣١٧). أما حديث ابن عباس : أخرجه أبو داود (٢ / ٧٨٥) : كتاب «الأدب» ، باب : في قتل الحيات ، حديث (٥٢٥٠) ، وعبد الرزاق (١٠ / ٤٣٤) برقم : (١٩٦١٧)