مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قالَ ما مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣) قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥) قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (١٧) قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ)(١٨)
وقوله سبحانه : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ...) الآية : هذه الآية معناها التّنبيه على مواضع العبرة ، والتعجيب من غريب الصنعة ، وإسداء النعمة.
واختلف العلماء في ترتيب هذه الآية ؛ لأن ظاهرها / يقتضي أن الخلق والتصوير لبني آدم قبل القول للملائكة أن يسجدوا ، وقد صححت الشريعة أن الأمر لم يكن كذلك ، فقالت فرقة : المراد بقوله سبحانه : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) آدم ، وإن كان الخطاب لبنيه.
وقال مجاهد : المعنى : ولقد خلقناكم ، ثم صورناكم في صلب آدم ، وفي وقت استخراج ذريّة آدم من ظهره أمثال الذّر في صورة البشر (١) ، ويترتب في هذين القولين أن تكون «ثم» على بابها في الترتيب ، والمهلة.
وقال ابن عباس ، والربيع بن أنس : أما «خلقناكم» فآدم ، وأما «صورناكم» فذريّته في بطون الأمهات (٢).
وقال قتادة ، وغيره : بل ذلك كله في بطون الأمهات من خلق ، وتصوير (٣) ، و (ثُمَ) لترتيب الأخبار بهذه الجمل لا لترتيب الجمل في أنفسها.
وقوله سبحانه : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) تقدم الكلام على قصص الآية في «سورة البقرة».
__________________
(١) أخرجه الطبري (٥ / ٤٣٧) برقم : (١٤٣٥٦) بلفظ : «في صلب آدم» ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٧٨) ، وذكر نحوه البغوي (٢ / ١٥٠) بلا نسبة.
(٢) أخرجه الطبري (٥ / ٤٣٦) ، برقم : (١٤٤٣ ـ ١٤٤٤) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٧٨) ، وذكره ابن كثير (٢ / ٢٠٣) بنحوه ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٣٤)
(٣) ذكره ابن عطية (٢ / ٣٧٨)