قال* ع (١) * : معناه أنّ سلم أهل المدينة كان سبب الآية ، ثم هي تتناول جميع المداينات ؛ إجماعا ، ووصفه الأجل ب (مُسَمًّى) ـ دليل على أنّ الجهالة لا تجوز ، وقال جمهور العلماء : الأمر بالكتب ندب إلى حفظ الأموال ، وإزالة الرّيب ، وإذا كان الغريم تقيّا ، فما يضرّه الكتب ، وإن كان غير ذلك ، فالكتب ثقاف في دينه وحاجة صاحب الحقّ ، قال بعضهم : إن أشهدت ، فحزم ، وإن ائتمنت ، ففي حلّ وسعة.
* ع (٢) * : وهذا هو القول الصحيح ، ثم علم تعالى أنه سيقع الائتمان ، فقال : إن وقع ذلك ، (فَلْيُؤَدِّ ...) [البقرة : ٢٨٣] الآية ، فهذه وصيّة للذين عليهم الدّيون.
واختلف في قوله تعالى : (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ).
فقال عطاء ، والشّعبيّ : واجب على الكاتب أن يكتب ، إذا لم يوجد سواه (٣) ، وقال السّدّيّ : هو واجب مع الفراغ (٤).
وقوله : (بِالْعَدْلِ) : معناه : بالحقّ ، ثم نهى الله سبحانه الكتّاب عن الإباءة ، وحكى المهدويّ عن الرّبيع ، والضّحّاك ؛ أنّ قوله تعالى : (وَلا يَأْبَ) منسوخ بقوله : (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) ، قال (٥) * ع (٦) * : أما إذا أمكن الكتاب ، فليس يجب الكتب على معيّن ، بل له الامتناع ، إلا إذا استأجره ، وأمّا إذا عدم الكاتب ، فيتوجّه وجوب النّدب حينئذ على الكاتب.
وقوله تعالى : (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ ...) الآية : أمر الله تعالى الّذي عليه الحقّ بالإملال ؛ لأنّ الشهادة ، إنما تكون بحسب إقراره ، وإذا كتبت الوثيقة ، وأقر بها ، فهي
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٣٧٨)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٣٧٩)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ١١٩) برقم (٦٣٣٩) عن عطاء ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٣٥٥) ، وابن عطية في «تفسيره» (١ / ٣٧٩)
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ١١٩) برقم (٦٣٤٢) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٣٧٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٥٥) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن السدي ، وذكره.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ١١٩) برقم (٦٣٤٠ ، ٦٣٤١) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٣٥٥) عن الضحاك ، وذكره أيضا ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٣٧٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٥٥) ، وعزاه لابن جرير عن الضحاك.
(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٣٧٩)