العبّاس» (١) فبدأ صلىاللهعليهوسلم بعمّه ، وأخصّ الناس به ، وهذه من سنن العدل للإمام أن يفيض العدل على نفسه وخاصّته ، فيستفيض في النّاس ، ثم رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، واستعمل على مكّة عتّاب بن أسيد (٢) ، فلمّا استنزل صلىاللهعليهوسلم أهل الطائف بعد ذلك إلى الإسلام ، اشترطوا شروطا ، وكان في شروطهم : أنّ كلّ ربا لهم على النّاس ؛ فإنهم يأخذونه ، وكلّ ربا عليهم ، فهو موضوع ، فيروى ؛ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرّر لهم هذه ، ثم ردّها الله بهذه الآية ؛ كما ردّ
__________________
ـ الرّحمن ، حتّى تكون أعظم من الجبل» وربا السّويق ونحوه ربوّا : صبّ عليه الماء فانتفخ ، وقوله (عزوجل) في صفة الأرض : (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) [الحج : ٥] قيل : معناه عظمت وانتفخت.
وقرىء : «وربأت» ؛ فمن قرأ : «وربت» فهو من ربا يربو ، إذا زاد على أيّ الجهات زاد.
ومن قرأ : «وربأت» ؛ بالهمز فمعناه : ارتفعت ، وسابّ فلان فلانا ، فأربى عليه في السّباب ، إذا زاد عليه.
وقوله (عزوجل) : (فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً) [الحاقة : ١٠] أي : أخذه تزيد على الأخذات.
قال الجوهري : أي : زائدة ، كقولك : «أربيت ، إذا أخذت أكثر مما أعطيت».
واصطلاحا :
عرفه الحنفية بأنه : فضل مال خال عن عوض ، شرط لأحد العاقدين ، في معاوضة مال بمال.
وعرفه الشّافعية بأنه : عقد على عوض مخصوص ، غير معلوم التماثل في معيار حالة العقد ، أي : مع تأخير في البدلين ، أو أحدهما.
وعرفه المالكية بأنه : عقد معاوضة على نقد أو طعام مخصوص بجنسه ، مع التفاضل ، أو مع التأخير مطلقا.
وعرفه الحنابلة بأنه : الزّيادة في أشياء مخصوصة.
وقد قسّم الفقهاء الرّبا إلى قسمين ، وزاد الشافعية قسما ثالثا :
١ ـ ربا الفضل ، وهو : البيع مع زيادة أحد العوضين عن الآخر.
٢ ـ ربا النّسا ، وهو : البيع لأجل ، أو تأخير أحد العوضين عن الآخر.
٣ ـ ربا اليد ، وهو : البيع مع تأخير قبضهما ، أو قبض أحدهما.
ينظر : «الصحاح» (٦ / ٢٣٥٠) ، و «المغرب» (١٨٢) ، و «المصباح المنير» (١ / ٣٣٣) ، و «المطلع» (٢٣٩).
وينظر : «شرح فتح القدير» (٧ / ٣) ، «تبيين الحقائق شرح كنز الحقائق» (٤ / ٨٥) ، «تحفة الفقهاء» للسمرقندي (٢ / ٣١) ، «مغنى المحتاج» (٢ / ٢١) ، «فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب» (١ / ١٦١) ، «المغني» (٤ / ١٢٢) ، «مجمع الأنهر» (٢ / ٨٣) ، «كشاف القناع» (٣ / ٢٥١)
(١) هو جزء من حديث جابر في صفة حج النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد تقدم تخريج هذا الحديث عند آيات الحج في سورة البقرة.
(٢) عتّاب بن أسيد بن أبي العيص الأموي ، أبو عبد الرحمن من مسلمة الفتح. ولي للنبي صلىاللهعليهوسلم «مكّة» وله عشرون سنة. وعنه ابن المسيّب ، وعطاء مرسلا ؛ لأنه مات يوم مات الصّديق. وذكر الطبراني أنه عمل لعمر ، وفي صحيح مسلم حديث يدل على ذلك إلى سنة إحدى وعشرين.
ينظر : «الخلاصة» (٢ / ٢٠٨)