٧٣ أوروى أبو داود في «سننه» ، عن أبي سعيد ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «أيّما مسلم / كسا مسلما ثوبا على عري ، كساه الله من خضر الجنّة ، وأيّما مسلم أطعم مسلما على جوع ، أطعمه الله من ثمار الجنّة ، وأيّما مسلم سقى مسلما على ظمإ ، سقاه الله من الرّحيق المختوم» (١). انتهى.
وقوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) يقتضي الزجر للكفّار المستحلّين للربا ، ووصف «الكفّار» ب «أثيم» إما مبالغة من حيث أختلف اللفظان ، وإما ليذهب الاشتراك الذي في «كفّار» ؛ إذ قد يقع على الزّارع الذي يستر الحبّ في الأرض ، قاله ابن فورك (٢).
ولما انقضى ذكر الكافرين ، عقّب سبحانه بذكر ضدّهم ؛ ليبين ما بين الحالتين ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ...) الآية ، وقد تقدّم تفسير مثل هذه الألفاظ.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(٢٨١)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا ...) الآية : سبب هذه الآية أنه لما افتتح النبيّ صلىاللهعليهوسلم مكّة ، قال في خطبته اليوم الثاني من الفتح : «ألا كلّ ربا في الجاهليّة موضوع ، وأوّل ربا أضعه ربا (٣)
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٣٧٣)
(٣) قال صاحب «المصباح» : الربا : الفضل والزيادة ، وهو مقصور على الأشهر ، ويثنّى فيقال : ربوان بالواو على الأصل ، وقد يقال : ربيان على التخفيف ، وينسب إليه على لفظه ، فيقال : ربويّ. قاله أبو عبيد وغيره.
وزاد المطرزي فقال : الفتح في النسبة خطأ.
وربا الشيء يربو ، إذا زاد ونما ، وأربى الرّجل (بالألف) دخل في الرّبا ، وأربى على الخمسين ، زاد عليها.
وفي «اللسان» : ربا الشيء يربو ربوّا ورباء : زاد ونما ، وأربيته : نميته.
وفي التنزيل العزيز : (وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [البقرة : ٢٧٦] ومنه : آخذ الربا الحرام. وأربى الرّجل في الربا : يربي ، وقد تكرر ذكره في الحديث. والأصل فيه الزيادة من : ربا المال ، إذا زاد وارتفع ، والاسم : الربا مقصور ، وأربى الرجل على الخمسين ونحوها : زاد ، وفي حديث الأنصار يوم «أحد» : «لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربينّ عليهم». أي : لنزيدنّ ولنضاعفنّ. وفي حديث الصدقة : «وتربو في كف ـ