خالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)(٢٧٧)
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...) الآية : قال ابن عبّاس : نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ كانت له أربعة دراهم ، فتصدّق بدرهم ليلا ، وبدرهم نهارا ، وبدرهم سرّا ، وبدرهم علانية (١) ، وقال قتادة : نزلت في المنفقين في سبيل الله من غير تبذير ولا تقتير ، قال* ع (٢) * : والآية ، وإن كانت نزلت في عليّ ـ رضي الله عنه ـ فمعناها يتناول كلّ من فعل فعله ، وكلّ مشّاء بصدقته في الظلم إلى مظنّة الحاجة.
وقوله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا ...) الآية : (الرِّبا) : هو الزيادة ، مأخوذ من : ربا يربو ، إذا نما ، وزاد على ما كان ، وغالبه : ما كانت العرب تفعله من قولها للغريم : «أتقضي ، أم تربي» ، فكان الغريم يزيد في عدد المال ، ويصبر الطالب عليه ، ومن الربا البيّن التفاضل في النوع الواحد ؛ وكذلك أكثر البيوع الممنوعة ، إنما تجد منعها لمعنى زيادة ؛ إما في عين مال ، أو في منفعة لأحدهما من تأخير ونحوه ، ومعنى الآية : الذين يكسبون الربا ، ويفعلونه ، وإنما قصد إلى لفظة الأكل ؛ لأنها أقوى مقاصد الناس في المال ، قال ابن عبّاس وغيره : معنى قوله سبحانه : (لا يَقُومُونَ) ، أي : من قبورهم في البعث يوم القيامة إلّا ٧٢ ب كما / يقوم الّذي يتخبّطه الشيطان من المسّ (٣) ، قالوا : كلّهم يبعث كالمجنون ؛ عقوبة له وتمقيتا عند جميع المحشر ؛ ويقوّي هذا التأويل المجمع عليه أنّ في قراءة عبد الله بن مسعود : «لا يقومون يوم القيامة إلّا كما يقوم».
وقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) معناه ؛ عند جميع المتأولين : في الكفار ، وأنه قول بتكذيب الشريعة ، والآية كلّها في الكفار المربين ، نزلت ، ولهم قيل :
__________________
(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٣٧١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٦٤٢) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن عساكر من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس به ، وذكره الماوردي في «النكت والعيون» (١ / ٣٤٧) ، والبغوي في «تفسيره» (١ / ٢٦٠)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٣٧١)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١ / ١٠٢) برقم (٦٢٣٨) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٣٤٨) ، وابن عطية في «تفسيره» (١ / ٣٧٢) بنحوه.