فقال له : «إنّ وسادك لعريض» (١).
واختلف في الحدّ الذي بتبيّنه يجب الإمساك ، فقال الجمهور ، وبه أخذ الناس ، ومضت عليه الأمصار والأعصار ، ووردت به الأحاديث الصّحاح : إنه الفجر المعترض في الأفق يمنة ويسرة ، فبطلوع أوله في الأفق يجب الإمساك ، وروي عن عثمان بن عفّان ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عبّاس وغيرهم ؛ أن الإمساك يجب بتبيّن الفجر في الطّرق ، وعلى رءوس الجبال (٢) ، وذكر عن حذيفة ؛ أنه قال : «تسحّرت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو النّهار إلّا أنّ الشّمس لم تطلع» (٣).
ومن أكل ، وهو يشكّ في الفجر ، فعليه القضاء عند مالك.
وقوله سبحانه : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) أمر يقتضي الوجوب ، و (إِلى) : غاية ، وإذا كان ما بعدها من جنس ما قبلها ، فهو داخل في حكمه ، وإذا كان من غير جنسه ، لم يدخل في المحدود ، والليل : الذي يتم به الصيام : مغيب قرص الشمس ، فمن أفطر شاكّا في غروبها ، فالمشهور من المذهب ؛ أنّ عليه القضاء والكفّارة.
وروى أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه قال : «ثلاثة لا تردّ دعوتهم : الصّائم حين يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم ، يرفعها الله فوق الغمام ، وتفتح لها أبواب السّماء ، ويقول الرّبّ تعالى : وعزّتي ، لأنصرنّك ، ولو بعد حين» رواه الترمذيّ / ، وابن ماجة ، وابن حبّان
__________________
ـ والمذاهب الثمانية الأخيرة ضعيفة كما أشار إلى ذلك الشوكاني ، قال رحمهالله : وأنت إذا تتبعت موارد هذه الشريعة المطهرة وجدتها قاضية بجواز تأخير البيان عن وقت الخطاب قضاء ظاهرا واضحا لا ينكره من له أدنى خبرة بها وممارسة لها.
ينظر : «البحر المحيط» للزركشي (٣ / ٤٩٣) ، «البرهان» لإمام الحرمين (١ / ١٦٦) ، «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (٣ / ٢٨) ، «نهاية السول» (٢ / ٥٤٠) ، «زوائد الأصول» للأسنوي (ص ٣٠٤) ، «منهاج العقول» (٢ / ٢٢٠) ، «غاية الوصول» للشيخ زكريا الأنصاري (ص ٨٦) ، «التحصيل من المحصول» للأرموي (١ / ٤٢٩) ، «المنخول» للغزالي (ص ٦٨) ، «المستصفى» له (١ / ٣٦٨) ، «حاشية البناني» (٢ / ٦٩) ، «الآيات البينات» لابن قاسم العبادي (٣ / ١٢١) ، «حاشية العطار لجمع الجوامع» (٢ / ١٠٢) ، «المعتمد» لأبي الحسين (١ / ٣١٤) ، «الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (١ / ٨١) ، «حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى» (٢ / ١٦٤). وينظر : «كشف الأسرار» (٣ / ١٠٨) ، «المسودة» (١٨١) ، «شرح العضد» (٢ / ١٦٤)
(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه الطبري (٢ / ١٧٩) برقم (٣٠٠٢) ، وابن عطية الأندلسي في «المحرر الوجيز» (١ / ٢٥٨)
(٣) أخرجه الطبري (٢ / ١٨١) برقم (٣٠١٩) ، وابن عطية الأندلسي في «المحرر الوجيز» (١ / ٢٥٨)