قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ)(١٤٥)
وقوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ...) الآية : المقصد تقلّب البصر ، وأيضا : فالوجه يتقلّب بتقلّب البصر ، قال قتادة وغيره : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقلّب وجهه في الدعاء إلى الله تعالى ؛ أن يحوّله إلى قبلة مكّة (١) ، ومعنى التقلّب نحو السماء : أنّ السماء جهة قد تعوّد العالم منها الرحمة ؛ كالمطر ، والأنوار ، والوحي ، فهم يجعلون رغبتهم حيث توالت النعم.
قال* ص* : (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ) : يدلّ على تقدير حال ، أي : قد نرى تقلّب وجهك في السماء طالبا قبلة غير التي أنت مستقبلها ، فلنولينّك. انتهى.
و (تَرْضاها) : معناه : تحبّها / ، وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يحبّ الكعبة والتحوّل عن بيت ٣٨ أالمقدس ؛ لوجوه ثلاثة رويت :
أحدها : لقول اليهود : «ما علم محمّد دينه ؛ حتّى اتّبعنا» ؛ قاله مجاهد.
الثاني (٢) : ليصيب قبلة إبراهيم ـ عليهالسلام ـ قاله ابن عبّاس (٣).
الثالث : ليستألف العرب ؛ لمحبّتها في الكعبة ، قاله الربيعة والسّديّ (٤).
* ع (٥) * : والميزاب هو قبلة المدينة والشام ، وهنالك قبلة أهل الأندلس بتأريب ، ولا خلاف أن الكعبة قبلة من كل أفق.
وقوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ ...) الآية : أمر بالتحوّل ، ونسخ لقبلة الشام ، و (شَطْرَ) : نصب على الظرف ، ومعناه : نحو ، وتلقاء ، (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا) : أمر
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢ / ٢٢) برقم (٢٢٣٥) ، (٢٢٣٦) عن قتادة من طريقين وأخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (١ / ٦٢) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٢٢١)
(٢) أخرجه الطبري (٢ / ٢٣) برقم (٢٢٣٩) بنحوه. وذكره ابن عطية (١ / ٢٢١) ، والسيوطي في «الدر» (١ / ٢٦٩) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير.
(٣) أخرجه الطبري (٢ / ٢٣) برقم (٢٢٤١) بنحوه. وذكره ابن عطية (١ / ٢٢١)
(٤) أخرجه الطبري (٢ / ٢٢) برقم (٢٢٣٧) عن الربيع ، وبرقم (٢٢٣٨) عن السدي. وذكره ابن عطية (١ / ٢٢)
(٥) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٢٢٢) ، والميزاب : المثعب ، فارسي معرب ، والجمع مآزيب إذا همز ، وميازيب إذا لم يهمز. ينظر : «لسان العرب» (٤٨٢٣) (وزب) ، و «الوسيط» (٤٠٧)