* ت* : ونقل عياض في «مداركه» عن مالك ؛ أن (الْحِكْمَةَ) نور يقذفه الله في قلب العبد ، وقال أيضا : يقع في قلبي ؛ أنّ (الْحِكْمَةَ) الفقه في دين الله ، وأمر يدخله الله القلوب من رحمته وفضله ، وقال أيضا : (الْحِكْمَةَ) التفكّر في أمر الله ، والاتّباع له ، والفقه في الدّين ، والعمل به. انتهى.
وقد أشار* ع* : إلى هذا عند قوله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) (١) [البقرة : ٢٦٩].
* ت* : والظاهر أن المراد ب (الْحِكْمَةَ) هنا : ما قاله قتادة ، فتأمّله.
(وَيُزَكِّيهِمْ) : معناه يطهّرهم ، وينمّيهم بالخير ، و (الْعَزِيزُ) : الّذي يغلب ، ويتم مراده ، و (الْحَكِيمُ) : المصيب مواقع الفعل ، المحكم لها.
(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٣٠) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (١٣١) وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(١٣٣)
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ ...) الآية : «من» : استفهام ، والمعنى : ومن يزهد منها ، ويربأ بنفسه عنها إلا من سفه نفسه ، والملّة : الشريعة والطريقة ، وسفه من السّفه الّذي معناه الرّقّة والخفّة ، واصطفى من الصّفوة ، معناه : تخيّر الأصفى ، ومعنى هذا الاصطفاء ؛ أنه نبأه ، واتّخذه خليلا.
(وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) : قيل : المعنى أنه في عمل الآخرة لمن الصالحين ، فالكلام على حذف مضاف ، (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ) كان هذا القول من الله تعالى حين ابتلاه بالكوكب والقمر والشمس ؛ والإسلام هنا على أتمّ وجوهه ، والضمير في «بها» عائد على كلمته التي هي (أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ، وقيل : على الملة ، والأول أصوب ؛ لأنه أقرب مذكور.
(وَيَعْقُوبُ) : قيل : عطف على (إِبْراهِيمُ) ، وقيل : مقطوع منفرد بقوله : (يا بَنِيَ) ، والتقدير : ويعقوب قال : يا بنيّ /.
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٣٦٤)