وغيره عن طلحة بن عبيد الله (١) ـ رضي الله عنه ـ قال : «حضرت سوق بصرى ، فإذا راهب في صومعة ، يقول : سلوا أهل هذا الموسم ، أفيهم من هو من هذا الحرم؟ قال : قلت : أنا ، فما تشاء؟ قال : هل ظهر أحمد بعد؟ قلت : ومن أحمد؟ قال : أحمد بن عبد الله بن عبد المطّلب ، هذا شهره الّذي يخرج فيه ، وهو خاتم الأنبياء ، مخرجه من الحرم ، ومهاجره إلى نخل وسباخ ، إذا كان ، فلا تسبقنّ إليه ، فوضع في قلبي ما قال ، وأسرعت اللّحاق بمكّة ، فسألت ، هل ظهر بعدي أمر؟ فقالوا : محمّد الأمّيّ قد تنبّأ ، وتبعه أبو بكر بن أبي قحافة ، فمشيت إلى أبي بكر ، وأدخلني إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأسلمت» (٢) ، وقد روى العذريّ وغيره عن أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ أنّه قال : «لقيت شيخا باليمن ، فقال لي : أنت حرميّ ، فقلت : نعم ، فقال : وأحسبك قرشيّا ، قلت : نعم ، قال : بقيت لي فيك واحدة ، اكشف لي عن بطنك ، قلت : لا أفعل ، أو تخبرني لم ذلك ، قال : أجد في العلم الصحيح أن نبيّا يبعث في الحرمين يقارنه على أمره فتى وكهل ، أمّا الفتى ، فخوّاض غمرات ، ودفّاع معضلات ، وأما الكهل ، فأبيض نحيف على بطنه شامة ، وعلى فخذه اليسرى علامة ، وما عليك أن تريني ما سألتك عنه ، فقد تكاملت فيك الصّفة ، إلا / ما خفي عليّ؟ قال أبو بكر : فكشفت له عن بطني ، فرأى شامة سوداء فوق سرّتي ، فقال : أنت هو وربّ الكعبة ، إني متقدّم إليك في أمر ، قلت : ما هو؟ قال : إيّاك ، والميل عن الهدى ،
__________________
ـ و «دلائل النبوة» وغيرها. مات سنة ٤٥٨.
ينظر : «طبقات ابن قاضي شهبة» (١ / ٢٢٠) ، «الأعلام» (١ / ١١٣).
(١) هو : طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب ... أبو محمد القرشي. التيمي ، أحد العشرة. يعرف ب «طلحة الخير».
قال ابن حجر في «الإصابة» هو أحد العشرة ، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر ، وأحد الستة أصحاب الشورى. روى عن النبي ، وعنه : بنوه يحيى ، وموسى ، وعيسى ، وقيس بن أبي حازم ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، والأحنف ، ومالك بن أبي عامر ، وغيرهم ... وكان عند وقعة بدر في تجارة في «الشام» ، فضرب له النبي بسهمه وأجره ، وشهد «أحدا» ، وأبلى فيها بلاء حسنا ، ووقى النبي بنفسه ، واتقى النبل عنه بيده حتى شلت أصبعه. توفي في جمادى الأولى سنة (٣٦).
ينظر ترجمته في : «أسد الغابة» (٣ / ٨٥) ، «البداية والنهاية» (٧ / ٤٧) ، «تهذيب التهذيب» (٥ / ٢٠) ، «التحفة اللطيفة» (٢ / ٢٦٤) ، «شذرات الذهب» (١ / ٤٢ ، ٤٣ ، ٥٩) ، «الإصابة» (٣ / ٢٩٠) ، «التعديل والتجريح» (٤٢١) ، «الاستبصار» (١١٦ ، ١٣٤ ، ١٦٠) ، «التاريخ الصغير» (٦٩ ، ٧٥) ، «الرياض المستطابة» (١٣٥) ، «الرياض النضرة» (١ / ٣٣) ، «تهذيب الكمال» (٢ / ٦٢٨)
(٢) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٢ / ١٦٥ ـ ١٦٦) عن طلحة بن عبيد الله.