محذوف ، أي : السحر أو الكفر ، والضمير في «به» عائد على السحر ، أو الكفر. انتهى.
و (شَرَوْا) : معناه : باعوا ، والضمير في «يعلمون» عائد على بني إسرائيل اتفاقا ، (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا) : يعني : الذين اشتروا السّحر ، وجواب : «لو» : (لَمَثُوبَةٌ) ، والمثوبة ؛ عند الجمهور : بمعنى الثواب.
وقوله سبحانه : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) يحتمل نفي العلم عنهم ، ويحتمل : لو كانوا يعلمون علما ينفع.
وقرأ جمهور النّاس (١) : (راعِنا) ؛ من المراعاة ؛ بمعنى : فاعلنا ، أي : أرعنا نرعك ، وفي هذا جفاء أن يخاطب به أحد نبيّه ، وقد حضّ الله تعالى على خفض الصوت عنده ، وتعزيره وتوقيره ، وقالت طائفة : هي لغة للعرب ، فكانت اليهود تصرفها إلى الرّعونة ؛ يظهرون أنهم يريدون المراعاة ، ويبطنون أنهم يريدون الرّعونة التي هي الجهل ، فنهى الله المؤمنين عن هذا القول ؛ سدّا للذريعة (٢) ؛ لئلّا يتطرق منه اليهود إلى المحظور ، و (انْظُرْنا) : معناه : انتظرنا ، وأمهل علينا ، ويحتمل أن يكون المعنى : تفقّدنا من النّظر ، والظاهر عندي استدعاء نظر العين المقترن بتدبّر الحال ، ولما نهى الله تعالى في هذه الآية ، وأمر ، حض بعد على السمع الذي في ضمنه الطاعة ، وأعلم أنّ لمن خالف أمره ، فكفر ـ عذابا أليما ، وهو المؤلم ، (وَاسْمَعُوا) : معطوف على (قُولُوا) ، لا على معمولها.
(ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ
__________________
(١) وفي مصحف عبد الله وقراءته ، وقراءة أبي : «راعونا» على إسناد الفعل لضمير الجمع ، وذكر أيضا أن في مصحف عبد الله (ارعونا) خاطبوه بذلك إكبارا وتعظيما إذ أقاموه مقام الجمع ، وقرأ الحسن وابن أبي ليلى ، وأبو حيوة ، وابن محيصن : «راعنا» بالتنوين جعله صفة لمصدر محذوف ، أي : قولا راعنا ، وهو على سبيل النسب كلابن ، وتامر.
ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ١٨٩) ، و «البحر المحيط» (١ / ٥٠٨) ، و «الدر المصون» (١ / ٣٣٢) ، و «مختصر الشواذ» (ص ١٦) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (١ / ٤١١)
(٢) وسدّ الذّرائع : هي التّوصّل بما هو مصلحة إلى مفسدة ، كما يرى الشاطبي ، أو وسيلة وطريقة إلى الشيء ، عن شمس الدين ابن القيم ، فالشاطبي يقتصر على الذّرائع سدّا ، وابن القيم يشملها سدّا وفتحا. فسدّ الذرائع وسيلة مباحة يتوصّل بها إلى ممنوع مشتمل على مفسدة.
قال الباجيّ : ذهب مالك إلى المنع من سدّ الذّرائع ، وهي المسألة التي ظاهرها الإباحة ، ويتوصّل بها إلى فعل المحظور ، مثل : أن يبيع السّلعة بمائة إلى أجل ، ويشتريها بخمسين نقدا ، فهذا قد توصل إلى خمسين بذكر السلعة.