أي : اجمعها.
وأما الفرقان ، فهو أيضا مصدر ؛ لأنه فرق بين الحقّ والباطل ، والمؤمن والكافر فرقانا وفرقانا.
وأما الذّكر ؛ فسمي بذلك لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلاههم ، وما كانوا في غفلة عنه ، فهو ذكر لهم ، وقيل : سمي بذلك ، لأن فيه ذكر الأمم الماضية ، والأنبياء ، وقيل : سمي بذلك ؛ لأنه ذكر وشرف لمحمّد صلىاللهعليهوسلم وقومه وسائر العلماء به.
وأما السّورة ، فإن قريشا كلّها ومن جاورها من قبائل العرب ؛ كهذيل ، وسعد بن بكر ، وكنانة يقولون : سورة ؛ بغير همز ، وتميم كلها وغيرهم يهمزون.
فأما من همز ، فهي عنده كالبقيّة من الشيء ، والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر ، إذا أبقى ؛ ومنه سؤر الشراب. وأما من لا يهمز ، فمنهم من يراها من المعنى المتقدّم إلا أنها سهلت همزتها ، ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء ، أي : القطعة منه ؛ لأن كل بناء فإنما بني قطعة بعد قطعة ، فكل قطعة منها سورة ، فكان سور القرآن هي قطعة بعد قطعة ؛ حتى كمل منها القرآن ، ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك : سورة ؛ ومنه قول النابغة الذبيانيّ (١) للنعمان بن المنذر (٢) [الطويل] :
__________________
ـ والبيت منسوب لسالم بن دارة الفزاري في «الكامل» (٩٨٨) ، و «خزانة الأدب» (٥ / ٥٣١) ، وفيها «على قلوصك» ، «شرح ديوان الحماسة» للتبريزي (١ / ٢٠٥) ، وبلا نسبة في «اللسان» (كتب) ، و «تاج العروس» (٤ / ١٠٣). وللبيت رواية أخرى كما في «شرح ديوان الحماسة» ، وهي :
وإن خلوت به في الأرض وحدكما |
|
فاحفظ قلوصك واكتبها بأسيار |
وقصة البيت أن بني فزارة كانت ترمى بغشيان الإبل ، فهجاهم سالم بقصيدة مطلعها :
يا صاحبيّ ألمّا بي على الدار |
|
بين الهشوم وشطي ذات أمّار. |
(١) زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني ، الغطفاني المضري ؛ أبو أمامة ، شاعر جاهلي. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة ، كان أحسن شعراء العرب ديباجة ، عاش عمرا طويلا. توفي في (١٨) ق ه.
ينظر : «شرح شواهد المغني» (٢٩) ، «معاهد التنصيص» (١ / ٢٣٣) ، «الأغاني» (١١ / ٣) ، و «جمهرة» (٥٢٤٢٦) ، و «نهاية الأرب» (٣ / ٥٩) ، و «الشعر والشعراء» (٣٨) ، «الأعلام» (٣ / ٥٤)
(٢) النعمان الثالث بن المنذر الرابع بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي ، أبو قابوس ، من أشهر ملوك «الحيرة» في الجاهلية. كان داهية مقداما. وهو ممدوح النابغة الذبياني ، وحسان بن ثابت ، وحاتم الطائي. وهو صاحب إيفاد العرب على كسرى ، وباني مدينة «النعمانية» على ضفة دجلة اليمنى ، وصاحب يومي البؤس والنعيم. توفي سنة (١٥) قبل الهجرة.