أنّ التأليف كان في زمن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وروينا عنه أنّ الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر والنسخ في المصاحف كان في زمن عثمان ، وكان ما يجمعون أو ينسخون معلوما لهم ، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البيّنة.
قلت : لم تكن البيّنة على أصل القرآن ، فقد كان معلوما كما ذكروا ، إنّما كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة ، فطلب البيّنة عليها أنّها كانت كتبت بين يدي رسول الله ، وبإذنه على ما سمع من لفظه على ما سبق بيانه ، ولهذا قال : فليمل سعيد. يعني من الرقاع التي احضرت ، ولو كانوا كتبوا من حفظهم لم يحتج زيد فيما كتبه إلى من يمليه عليه.
فإن قلت : كان قد جمع من الرقاع في أيّام أبي بكر ، فأيّ حاجة إلى استحضارها في أيّام عثمان؟
قلت : يأتي جواب هذا في آخر الباب» (١).
قال أبو شامة : «وأمّا ما روي من أنّ عثمان جمع القرآن أيضا من الرقاع كما فعل أبو بكر فرواية لم تثبت ، ولم يكن له إلى ذلك حاجة وقد كفيه بغيره ... ويمكن أن يقال : إنّ عثمان طلب إحضار الرقاع ممّن هي عنده وجمع منها وعارض بما جمعه أبو بكر أو نسخ ممّا جمعه أبو بكر ، وعارض بتلك الرقاع أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ ، ففعل كل ذلك أو بعضه استظهارا ودفعا لو هم من يتوهّم خلاف الصواب ، وسدّا لباب القالة : إنّ الصحف غيّرت أو زيد فيها أو نقص» (٢).
وأمّا ما رووا عن ابن مسعود من الطعن في زيد بن ثابت فكلّه موضوع (٣).
__________________
(١) المرشد الوجيز : ٥٨ ـ ٥٩.
(٢) المرشد الوجيز : ٧٥.
(٣) مباحث في علوم القرآن : ٨٢.