عدم ثبوت النبوّة لكثير من الأنبياء بل لأكثرهم فإنّ الوحي إلى أكثر الأنبياء لم يكن على وجه التأسيس بل لإظهار الشريعة السالفة وتقويتها ، وتبيينها لا لنسخها مع أنّ الوحي إلى كثير منهم بل أكثرهم لم يكن برؤية الشخص بل ربما كانوا لا يرون شخص الملك وإنّما يسمعون الصوت ، وربما لم يكن هناك سماع وإنّما هو مجرد القذف والنكت والإلهام أو الرؤية في المنام ، وإن كان المراد به مطلق الإنباء عن الله سبحانه بأيّ وجه حصل فقضيّة ذلك إثبات النبوة للائمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين إذ المستفاد من الأخبار الكثيرة المتقدمة التي لا يخفى استفاضتها بل تواترها حصول العلم لهم عليهمالسلام بضروب من الوحي والإلهام كالنكت في القلوب ، والنقر في الأسماع ، وسماع صوت الملك ومشاهدته.
ولذا قال رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لأمير المؤمنين (عليهالسلام) على ما روتها الخاصّة والعامة وهو بعينه مذكور في القاصعة من «نهج البلاغة» : يا علي إنّك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلّا أنّك لست بنبيّ ، ولكنك لوزير وإنّك لعلى خير (١).
وروي الحسن بن سليمان في كتاب «المختصر» مسندا عن الرّضا عليهالسلام في حديث طويل قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام له : وإن شئتم أخبرتكم بما هو أعظم من ذلك ، قالوا فافعل ، قال عليهالسلام : كنت ذات ليلة تحت سقيفة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإني لا حصي ستّا وستّين وطئة من الملئكة كلّ وطئة من الملئكة أعرفهم بلغاتهم وصفاتهم وأسمائهم ووطئهم (٢).
إلى غير ذلك مما يدلّ على أنّهم محدّثون ملهمون ، بل قد دلّ بعض الأخبار
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة ٢٣٤.
(٢) بحار الأنوار ج ٧ ص ٢٩٦ ط. القديم.