الحضرة الالهيّة على المنهج القويم ، والصراط المستقيم فإنّ السعادة وبلوغ أقصى المراتب ليست فطرية لكلّ أحد من آحاد الناس فلا يمكن الوصول إلى المقصد الحقّ إلّا بالعثور على الجهة التي بها يقع الاهتداء والانتهاء اليه لضرورة بطلان الطفرة.
ثم إنّه لا يخفى أنّ النفس المستعدّة لمقام النبوة والرسالة فارغة بحسب الفطرة الأصلية والجبلة الاختيارية الأوليّة عن تلك الموانع وعمّا يئول إليها ، فنفوسهم المقدّسة العلوية في أصل الفطرة كمرآت صقيلة مجلّوة بالعلم والعمل والبقاء على مقتضى الكينونة الاولى محاذية لشطر الحق سبحانه إمّا بلا واسطة كنور نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم أو معها كسائر الأنبياء والملئكة عليهمالسلام ، فإنّ أنوارهم وافئدتهم وأرواحهم مخلوقة من أشعة نور نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولذا ورد أنّ قلوب شيعتهم إنّما خلقت من فاضل طينة أبدانهم وأنّ شيعتهم خلقوا من شعاع طينتهم (١) ، وأنّ الأنبياء والمرسلين والملئكة والمقرّبين حتى العالين والكروبييّن كلهم من شيعتهم عليهمالسلام من الخلق الأوّل أو غيره كما ورد في تفسير قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (٢) ، وقوله تعالى : (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) (٣) ، وقوله تعالى : (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) (٤) ، والأخبار الكثيرة الدالة على كيفيّة بدو أنوارهم وانشعاب الأنوار من نورهم ، وبالجملة فنفوس الأنبياء صلوات الله عليهم لما كان متنسمة من نفحات المجد والقدس ، متنعمة في
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٧ ط. القديم باب بدو أرواحهم وطينتهم وأنوارهم ـ وج ٤ باب الطينة والميثاق.
(٢) الصافات : ٨٣.
(٣) ص : ٧٥.
(٤) الأعراف : ١٤٣.